في 22 فبراير الماضي اندلعت مظاهرات قوية في مختلف أنحاء الجزائر احتجاجا على ترشح بوتفليقة للولاية الخامسة، إن لم يكن من باب المصداقية الدستورية والتداول على السلطة، فعلى الأقل من باب الكفاءة الصحية.ورفع المحتجون شعارات “لا لعهدة خامسة”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، و”سلمية سلمية، و”إكرام الميت دفنه لا ترشيحه”. لكن الموالين للترشيح قالوا بأن الأطباء هم الذين لهم الحق في تقدير أهلية الرئيس الصحية وليس الشعب!
وبالتزامن مع هذه الأحداث، أقال بوتفليقة مدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال، وعيّن مكانه عبد الغني زعلان (54 عاما)
ويوم الجمعة الماضي شهدت الجزائر مظاهرات هي الأضخم منذ سنوات، قدرت مصادر أمنية أن أعدادها الذين خرجوا في العاصمة وحدها بعشرات الآلاف في حين تحدث المنظمون لها وبعض وسائل الإعلام عن خروج مئات الآلاف في مختلف أنحاء الجزائر.
خلال هذا الوقت جرى تنقيل الرئيس إلى سويسرا من أجل العلاج، في خطوة أثارت ريبة بعض المراقبين الذين اعتبروا السفر تهريبا له في ظل احتمال تضهور الأوضاع في البلاد.
ورغم تصاعد وثيرة الاحتجاجات في أنحاء البلاد فإن السلطات مضت قدما في ترشيح الرئيس المريض للولاية الخامسة في تصرف بدى وكأن أصحاب القرار غير عابئين برد فعل الشارع.
لكن في وقت سابق أمس الأحد، وفي منعطف جديد للأحداث، تعهّد بوتفليقة في حال انتخابه مجددا رئيسا في 18 أبريل المقبل بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يحدد تاريخها إثر مؤتمر وطني.
وقال بوتفليقة -في الرسالة التي قرأها نيابة عنه مدير حملته الانتخابية عبد الغني زعلان ونقلها التلفزيون الرسمي الجزائري:”أتعهد بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يتم تحديد تاريخها من خلال مؤتمر وطني ينظم بعد اقتراع 18 أبريل 2019، وأتعهد بعدم الترشح لتلك الانتخابات المبكرة.”
وورد في الرسالة التي تضمنت أيضا ستة إجراءات تعهد بوتفليقة بالقيام بها بعد انتخابه؛ أنه سيجري تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة وفقا للجدول الزمني الذي يحدده المؤتمر الوطني، والتي قال إنها “ستجري في ظروف من الصفاء والشفافية”.
وحسب الرسالة، فإن الندوة الوطنية الشاملة التي يفترض أن تجرى بعد الانتخابات ستكون مهمتها “مناقشة وتطوير واعتماد إصلاحات مؤسساتية وسياسية واقتصادية واجتماعية، ستشكل أساس النظام الجديد للدولة الوطنية الجزائرية”.
كما تضمنت الوعود “إجراء استفتاء شعبي لدستور جديد يكرس ولادة الجمهورية الجديدة والنظام الجزائري الجديد”، و”التنفيذ الفوري للسياسات العامة لضمان إعادة توزيع الثروات الوطنية بشكل أكثر عدلا وإنصافا، والقضاء على التهميش والإقصاء الاجتماعي، فضلا عن التعبئة الوطنية الفعالة ضد كل أشكال الفساد”.
وشملت الإجراءات الموعودة أيضا “مراجعة قانون الانتخابات، بما في ذلك إنشاء منظمة انتخابية مستقلة تتحمل المسؤولية وحدها عن تنظيم الانتخابات”.
فهل ستخفف هذه الوعود من ضغط الشارع، وتنهي حالة الاحتقان في البلاد؟