بطنجة، أواخر سنة 2007، اختطف كل من محمد الزوين، والأخوين حسن وهشام الهريش، بشكل غير قانوني، من طرف المخابرات المغربية، كما جاء ذلك على لسان محمد الزوين، الذي بعث بشكايات إلى طوب الأرض، من سلطات وديوان المظالم وكل من يعرفه يتظلم له، ولم يعد أمامه إلا بعث هذه الرسالة عبر جريدتنا، علّها تلقى رد فعل يفتح ملفه.
يقول محمد: “في 2007 تم اختطافنا حسن وأنا، وزج بنا بمعتقل بمدينة تمارة، تعرضنا لكل أنواع التعذيب الجسيدي والنفسي بسجن انفرادي ضيق جدا، انهرت بسبب ما تعرضت له ونقلت إلى الطبيب المعالج داخل المعتقل، معصب العينين، وخاطبني الطبيب بلهجة قاسية طالبا مني أن أرضخ، “”” انت هنا ماشي فبريطانيا””… لأن محمد هو مغربي مقيم بالديار الإنجليزية، وهو نفسه مدير أعمال بطل العالم في الجيتسكي، جمال بلحسني، الذي سبق أن وشح من لدن الملك محمد السادس، وكذلك حسن هريش، كان مديرا، حينها، لشركة عالمية، لذلك هب الطبيب في وجهه، وهو أساسا لا يراه، عموما، بعد معتقل تمارة، تم نقلنا لمعتقل المعاريف بالبيضاء، وقضينا مدة من التعذيب والألم، ثم بعث بنا لمدينة تطوان، للاستماع إلينا، “عن ماذا، لماذا، و كيف؟؟؟” هي أسئلة لم نكن في ساعتها نعرف لها جوابا، وصلنا محكمة تطوان، وضعنا في ركن بئيس تفوح منه رائحة القذارة، كل هذا وأرجلنا وأيدينا تخنقها سلاسلهم الحديدية الأليمة، وبعد أن تم الإطلاع على ملفنا، أطلقوا سراحنا، ودفعنا غرامة مالية أيضا.. غريب..”.
ويواصل محمد: “غادرنا المحكمة، واستدعي بعدها مباشرة أخ حسن هريش، هشام هريش، تقدم طوعا إلى معتقل المعاريف بالبيضاء، ، ليتم التسلط عليه وتعذيبه، ثم نفس السيناريو، يحال على المحكمة ويطلق سراحه، ويترك في حالة نفسية مدمرة وهيستيريا مما عاشه، والكل يعلم ما يحصل في المعتقلات، أساليبهم في التعذيب تفوق الخيال، ومهما روينا عنها فلن نوصل إحساسنا بذلك”. ويتابع محمد الزوين قائلا: “هذا الشخص الذي هو الآن متوفى، توفي بعد ثلاث سنوات من هذه الحادثة، بعدما كان يتابع علاجات عديدة بمستشفيات للأمراض النفسية والعصبية، لكنه لم يتحمل، ومات…تاركا زوجته وابنته القاصر لغدر الزمن”.
بالنسبة للتهمة الموجهة إليهم، كانت تتأرجح بين الإرهاب وتجارة المخدرات، وكل هذه التهم لم تثبت عليهم وتمت تبرأتهم منها بحكم نهائي من المحكمة بمدينة تطوان آنذاك، لكن مخلفات ما جرى أضخم من هذه البراءة التي جاءت بعد تهم باطلة واعتقالات قاسية.
محمد الزوين وحسن أهريش هما الآن يعانيان من أمراض مزمنة مدمرة، وهشام أهريش مات وعمره ثلاثون سنة، من قهر التعذيب والآلام الجسدية والنفسية، ويحتكم محمد إلى تقارير طبية أجروها مباشرة بعد ما حصل، تثبت هذه المخافات المزمنة وخطورتها.
محمد الزوين وحسن أهريش اليوم، وبعد سنوات من التظلم بدون جدوى، هما عازمين على خوض معركة لرد اعتبارهم وتعويضهم عن هذدا الضرر المتعمد، وهما يحتكمان إلى وثائق تثبت ظلمهم، وقد أكد محمد أنهما قاما باللجوء لنائبة برلمانية ببريطانيا، بحكم أن لديهما الجنسية البريطانية، فنسقت البرلمانية مع وزارة الخارجية لمناقشة الموضوع فجاء رد البرلمانية إيجابيا، حيث أخبرتهما أنهم مستعدون لتعيين محام بريطاني للدفاع عليها، فكان لنا المحامي بالمحاكم البريطانية، بتنسيق مع شركة المحاميين الأوروبيين لحقوق الإنسان بهولندا، والمحكمة الدولية بلاهاي، وعدد من الهيئات الحقوقية، لكن هذين الأخيرين لايزالان متشبثين برد الاعتبار بالمغرب ومن المغرب.
محمد اليوم ينشر تظلمه أمام الرأي العام، ويطلب إنصافه ورد اعتباره وتعويضه عما لحق به من ضرر، رفقة الشخصين الآخرين. فمن ينصف محمد؟ ومن ينصف حسن؟ ومن ينصف هشام وهو ميت؟