خلال اليوم الثاني من الدورة التكوينية التي تنظمها الجامعة الوطنية لعمال السكك الحديدية التابعة للاتحاد المغربي للشغل أيام 18 / 19 أبريل 2019 بمراكش، أثار محمد حيتوم، رئيس الجامعة الوطنية وعضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، سؤالا هاما يحضى براهنية واضحة، ألا وهو: أي دور لنقابة المستقبل؟
وبعد توضيحه لسياق طرح هذا السؤال لما يعتمل داخل المجتمع من مزيد من الاهتمام بالشأن الاجتماعي، لكن بشكل واعي أو غير واعي التساؤل عن دور الوساطة الاجتماعية، تطرق المتدخل في عرضه إلى ما أسماه “جذور المشكل، والتي أشار بصددها أنها ليست وليدة اللحظة، ولكنها من المظاهر الأخيرة للمجتمع ما بعد الصناعي، والذي أصبحت تحتل فيه المعرفة حيزا هاما على حساب باقي مكونات إنتاج الثروة، “حيث أصبحنا نعيش زمن مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة”.
وفيما اعتبر أنه بالرغم من أن المعرفة أصبحت “متاعا” تخضع لمنطق السوق، إلا أنها تختلف عن البضاعة المادية. فهذه الأخيرة تنتهي بمجرد استهلاكها، لكن الأولى، تزداد مناعة وانتشارا كلما زاد استهلاكها، “ولهذا أصبحنا نعيش زمن السرعة”، يقول حيتوم الذي يمثل الاتحاد المغربي للشغل في مجلس المستشارين.
وزاد موضحا أنه إذا كان حق الملكية مقدسا بالنسبة للرأسمال، كما هو معروف اقتصاديا، وإن كانت “البضاعة المادية” قد احترمت إلى حد ما ذلك، فإن المعرفة قد نجحت في ربط حق الملكية بحق الولوج ((le droit à l’accès وبالنتيجة، “أصبحنا، أمام تصاعد القطاع الخدماتي على حساب القطاع الصناعي وأمام الشركة الأخطبوط وأمام شركات التمركز الصناعي والمنجمي، رهينة الرأسمال المالي على حساب الرأسمال والسيادة الوطنية”.
كما أشار إلى أنه “بالرغم من تزايد الثروات وتقدم عدد من أشكال التنمية (سواء في الدول المتقدمة أو الدول الطافحة)، فإن ذلك لم يحد من البطالة والفقر والهشاشة. كما أن تمركز الثروة زاد من تعميق الفوارق الاجتماعية سواء داخل المجتمع الواحد، أو بين مختلف المجتمعات”.
وأعلن حيتوم أنه بصدد الاشتغال على الموضوع، هو ورفاقه في الاتحاد المغربي للشغل، “ويقدمون مساهمتهم التي يجب أن يشارك فيها كل الفاعلين بمن فيهم كفاءات البحث العلمي، وأنه في مساهمته اليوم، يريد أن يؤكد أن النقابة التي برزت كضرورة تاريخية لا يمكن أن ينتهي دورها، ولذا وجب مقاربة الأجوبة على السؤال المذكور ضمن ما يمكن تسميته “جدلية الثابت والمتحول” وذلك بتعزيز وصيانة ما هو ثابت من مبادئ وأهداف، ولكن في نفس الوقت تحديث وتحيين ما هو متغير من آليات الاشتغال إلى أشكال التنظيم، إلى طرق التواصل.”
وشدد في النهاية الى ضرورة أن تنخرط النقابة، دون أن تفقد هويتها، في عصرها وانفتحت على المستقبل، “إلا أن صيرورة ( (processus هذا التحديث لا يمكن أن تحدث بعصا سحرية (أو “كن فيكن”)، ولكنها عملية تتطلب انخراطا فعليا وجهدا لكل من يتوخى خدمة الرسالة النبيلة للعمل النقابي”.