تم الإعلان يوم أمس الأربعاء عن وفاة عباسي مدني الرئيس السابق للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة بالجزائر، عن عمر ناهز 88 عاما، في مستشفى بالدوحة بعد مرض عضال.
ولد مدني في 28 فبراير 1931 بسيدي عقبة منطقة تيزي وزو في ولاية بسكرة التي ابتدأ فيها دراسته في الكتاب، ثم في مدرسة دينية تسمى مدرسة الشيخ النعيمي.
بدأ عباسي مدني ممارسة العمل السياسي منذ 1948 في الحركة الوطنية الجزائرية في عهد الاستعمار ، انتقل إلى العمل المسلح. وقاد ليلة اندلاع الثورة مجموعة من المجاهدين هاجمت مقر الإذاعة الفرنسية بالجزائر العاصمة. بعدها اعتقل ليقضي أكثر من سبع سنوات في السجن.
بعد استقلال الجزائر عام 1962 عاد إلى مقاعد الدراسة حيث أكمل الإجازة في الفلسفة ثم واصل الدراسات العليا حتى الدكتوراة الدرجة الثالثة في التربية المقارنة. وأكمل مشواره الدراسي في العاصمة البريطانية ما بين 1975 و1978 حيث حاز دكتوراه الدولة في مادة التربية.
وعمل أستاذا لعلم النفس التربوي بكلية العلوم الإنسانية في جامعة بوزريعة بالجزائر العاصمة.
وعمل في السياسة حيث انتخب في مجلس الشعبي الولائي للولاية الجزائر العاصمة باسم جبهة التحرير الوطني.
منذ 1982 أصبح ناشطا من أجل قيام دولة إسلامية. وبعد إقرار التعددية السياسية في الجزائر بموجب دستور 1989، أسس، مع عدد من رفاقه الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تصدرت بداية التسعينيات نتائج الانتخابات البلدية ثم التشريعية.
لكن هذا المسار الديموقراطي توقف مباشرة بعد فوز الجبهة في الانتخابات التشريعية، فقد أعلن النظام الحاكم حالة الطوارئ بالتاسع من فبراير 1992، وأُودع الآلاف من أنصار الجبهة في معتقلات أقيمت بالصحراء الجزائرية(معتقلات رقان وعين أمقل) ، ثم بدأت حملة مطاردة واسعة لمن بقي من أطر الجبهة خارج الاعتقال.
ودخلت البلاد نفقا غامضا إثر إيقاف الجيش العملية الديمقراطية، وعرفت هذه الحقبة بـتسمية العشرية الحمراء والعشرية السوداء في الجزائر.
وكان قد ألقي القبض على مدني في 31 غشت 1991 من مكتبه بمقر الجبهة بالعاصمة. وفي 16 يوليوز 1992 قضت المحكمة العسكرية في البليدة جنوب العاصمة، بسجنه 12 عاما بعد إدانته بتهمة المس بأمن الدولة.
وبعد قضائه سنوات داخل السجون، أطلقت السلطات في 15 يوليوز 1997 سراحه مع الرجل الثالث بالجبهة عبد القادر حشاني. وفي الفاتح من شتنبر وُضع مدني قيد الإقامة الجبرية حتى أفرج عنه هو ونائبه علي بلحاج.
وفي 23 غشت 2003 سُمح لعباسي مدني بمغادرة البلاد لتلقي العلاج بماليزيا ثم قطر، ومنعته السلطات الجزائرية هو وعلي بلحاج من ممارسة أي نشاط سياسي، بما في ذلك حق التصويت أو الترشيح بأي انتخابات.
وقد اختار السياسي الجزائري الإقامة بالعاصمة القطرية منذ ذلك الحين حتى وفاته يوم أمس.