مع انتشار كثرة الأمراض والفيروسات كان لزاما على الإنسان أن يجتهد في الحفاظ على مناعته قوية سليمة حتى يتمكن الجسم البشري من محاربة كل الأمراض طبيعيا , فجهاز الدفاع المناعي الذي خلقه الله تعالى كفيل بأن يحافظ على توازن الجسم الصحي .
وللتقريب كان لابد أن نقدم تعريفا مختصرا للجهاز المناعي وأهميته .
الجهاز المناعي هو جهاز متخصص في الدفاع عن الجسم ضد العَوامِل الأجنبية، أو العَوامِل الغازية الخطيرة invaders. وتشمل هذه العَوامِل كلاً من:
- الكائنات الحية الدقيقة microorganisms (والتي تُعرف باسم الجراثيم germs، مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات)
- الطفيليَّات parasites (مثل الديدان)
- الخلايا السرطانية
- الأعضاء والأنسجة المزروعة
ولكي يتمكن الجهاز المناعي من الدفاع عن الجسم ضد هذه العَوامِل، يجب أن يكون الجهاز المناعي قادرا على التمييز بين
- ما ينتمي إلى الجسم (ذاتي)
- ما لا ينتمي إلى الجسم (غير ذاتي أو أجنبي)
يتعرف النظام المناعي على مسببات المرض الذي دخل الجسم، مثل الميكروبات أو الفيروسات ويقوم بتحييدها أو إبادتها. يميّز جهاز المناعة السليم بين خلايا الجسم السليمة وأنسجته الحيوية وبين كائنات غريبة عنه تسبب المرض. ولا يقتصر وجود النظام المناعي على الإنسان والحيوان فقط، بل يتعداه إلى النباتات أيضا.
ما علاقة الصيام بالجهاز المناعي ؟
بينت دراسة أجراها الباحثون في جامعة ساوثرن كاليفورنيا أن الصيام لساعات طويلة يجدد نشاط جهاز المناعة من خلال تحفيزه لإنتاج خلايا جديدة. فعندما يبدأ المرء بالصيام، يعمد الجسم مبدئياً إلى تدمير عدد من خلايا الدم البيضاء. ويبدأ بشكل طبيعي بتوفير الطاقة بعدة وسائل، ومنها التخلص من الخلايا الميتة أو التالفة التي لا يحتاجها الجسم. لكنه سرعان ما يعود لتحفيز إنتاج خلايا جديدة، مما يؤدي إلى تعزيز كفاءة الجهاز المناعي وتقويته.
وبعد نتائج هذه الدراسة، أُجريت المزيد من الأبحاث حول تأثير الصيام المتقطع، أي الصيام الذي يستمر لمدة 16 ساعة في اليوم أو أكثر، وبينت هذه الأبحاث أن خلايا الجسم التي تدعم الاستجابة المناعية وتهاجم الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض تغادر مجرى الدم عندما يتوقف الإنسان عن تناول الطعام وينخفض فيه مستوى المواد الغذائية، وتلجأ إلى نخاع العظم، المعروف بغناه بالمواد الغذائية، لتبدأ بالتكاثر وتعزيز طاقتها ونشاطها وقدرتها على حماية الجسم من العدوى.
وهنا يكمن الإعجاز الرباني في قوله تعالى :
( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) [البقرة:183-184].
ولذلك يعتبر الصوم فرصة ذهبية للجسم البشري بحيث يقدم له فترة راحة استشفائية يتم خلالها إصلاح أعطابه، وتطهيره مما تجمع فيه من الدهون، والشحوم، والسموم، والنفايات على مدى السنة، خاصة عند المصابين بالالتهابات المزمنة في الجهاز الهضمي وغدده، واللذين ابتلوا بضعف مناعتهم وكذلك المبتلين بزيادة الوزن مما يؤدي إلى التهابات المفاصل التنكسي في الركبتين، وعند المصابين بارتفاع ضغط الدم واضطرابات الجهاز الدوري بصفة عامة، وذلك لأن10% من كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي في أثناء عملية الهضم، ويتوقف ضخ هذه الكمية في أثناء الصيام مما يقلل من جهد عضلة القلب ويريحها طوال فترة الصيام. هذا بالإضافة إلى ما ثبت للصوم من تأثيره الإيجابي على قدرات التفكر والتذكر، وتقوية جهاز المناعة، والشفاء من العديد من الأمراض من مثل أمراض الكلى والمثانة وغيرها، ولذلك قيل: صوموا تصحوا.
فوائد الصيام الصحية :
- يمكن للمعدة الفارغة أن تخفض ضغط الدم لأنها تساعد على خفض نسبة الكوليسترول في الدم وتقليل إفراز الأدرينالين في الجسم.
- يمكن للصيام أن يقوي جهاز المناعة عن طريق تناول الأطعمة التي تحتوي على العناصر الغذائية المفيدة.
- يمكن للصوم أن يقضي على الكافيين أو إدمانه.
- يساعد في علاج التهاب المفاصل وتخفيف البثور والقضاء على تراكم الدهون في الجسم والقضاء على أي سموم في الجسم.
- يمكن للصيام أن يقلل الوزن ويساعد أيضًا في تقليل الشهية.
- يمكن للصيام أن يخفض مستويات السكر مما قد يؤدي إلى انخفاض كمية الأنسولين في الجسم.
- يساعد الصيام في حل جميع مشاكل الجهاز الهضمي لأن عدم تناول الطعام خلال هذه الفترة يساعد على تقوية عضلات الجهاز الهضمي وتعزيز حيويته.
- بالصيام يقل من الحموضة وعسر الهضم والتهابات المعدة.
فوائد الصيام النفسية :
- يمكن للصيام أن يخلصك من الاكتئاب.
- يسمح لك الصيام بالتحكم في نفسك والرغبات الذاتية عن طريق تجنب تناول الطعام لفترة طويلة وتقييد نفسك من الرغبة الشديدة في تناول المشروبات مثل القهوة والتحكم في جميع شهواتك.
- الصيام طريقة علاج نفسي فعالة تريح القلب وتنقي الذهن وتمكنك من التفكير بشكل صحيح.
- يمكن للصيام أن يحافظ على توازن الجسم ويعيد توازنه في الحياة.
- الصوم يجعلك سعيد ومتفائل لان لا راحة إلا بعبادة الله عز وجل وتنفيذ أوامره والابتعاد عن معصيته.
- الصوم يسمح لك برؤية الأشياء من المنظور الصحيح.
في عام 2018 قدم معهد MIT دراسة تفيد بأن الصيام يرفع من قدرة الخلايا الجذعية وإعادة البناء في الجهاز الهضمي، فعند التقدم في العمر، تفيد الدراسة بأن قدرة الخلايا على اعادة البناء ومقاومة العدوى تنخفض، ولكن الصيام يقوم بتحفيز هذه الخلايا عندما تبدأ الخلايا بتكسير الاحماض الدهنية بدلا من السكريات وهذا التحول يحفز الخلايا الجذعية على اعادة البناء.
ولهذا فصيام يومين من كل أسبوع كفيل بالمحافظة على توازن الجسم المناعي مع ما يضمنه الصوم للجسم من تجديد للخلايا الميتة وتنشيط لكل أعضاء الجسم.
بعد هذه الدراسة سيدي القارئ فهل ستترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ستنضم لقوافل صائمي الإثنين والخميس .
