أخبار عاجلة

محمد خليفة يكتب: الفقر وفناء الشعوب في العالم

محمد خليفة
كلمة الفقر قديمة في مختلف لغات العالم، والفقر كمصطلح اقتصادي أيضاً، لكن لم يكن هناك نظرة شمولية بخصوص المجتمعات أو الشعوب الفقيرة إلا بعد ظهور الرأسمالية في نهاية القرن التاسع عشر، حيث تم تثوير الآلة وظهور الأنماط الجديدة من العمل في المصانع  والشركات. ما أدى إلى ظهور حالة ثراء غير مسبوقة في التاريخ الانساني، فارتقت الدول التي اتبعت التصنيع، وتمكنت من خلال صناعاتها من مراكمة ثروات هائلة. وكان كارل ماركس أول من أشار إلى ظهور الرأسمالية، وطالب في البيان الشيوعي، عمال العالم لكي يتحدوا في وجه تغول رأس المال. ودعا إلى قيام مجتمعات شيوعية لا توجد فيها فروق طبقية. وسرعان ما تطور الفكر الماركسي حتى قام الاتحاد السوفييتي، وانتشرت الدعاية الرديئة في مختلف أرجاء العالم، ما دفع الدول الصناعية إلى البحث عن أخطائها واتباع عملية الإصلاح من الرأس، بخلاف الأفكار الثورية التي تبحث عن الإصلاح من القاعدة. وكان امبراطور اليابان أول من اتبع مبدأ الإصلاح الرأسي بعد أن وصلت السفن الحربية الأمريكية إلى شواطئ اليابان عام 1867، وسرعان ما قامت اليابان الحديثة من خلال عملية تحديث هائلة نفذتها الدولة بمختلف وزاراتها ومؤسساتها.

والواقع أننا إذا تأملنا الأفكار الماركسية نجدها تلغي العقل وتقتل هوية الإنسان، وتقف عند حدود الثبات المميت، مما جعل، خلال منتصف عقد الثمانينات، الرئيس الروسيّ غورباتشوف يتخلى عنها، ويحاول التخلص من منابعها بهدوء شديد ويذيبها، من خلال إعادة البناء (البروسترويكا)، حتى تحررت روسيا من قبضة الشيوعية. كما تخلت عن فكرها الشيوعي بعد اتباع مبدأ اقتصاد السوق.
وقد أثبت مبدأ الإصلاح من الرأس أنه المبدأ الأفضل لقيام مجتمعات متوازنة تحقق الرفاه لمختلف الشرائح فيها، وهذا ما يمكن ملاحظته في دول الغرب التي لم تقم فيها دول شيوعية، والتي حققت التنمية المستدامة من خلال اتباع نظم حديثة استلهمتها من عملية الصدام مع الشيوعية، فأصلحت من خلال ذلك الصدام نفسها، وعززت مكاسبها التي حققتها باتباع طريق التصنيع.
إن الواقع العالمي الراهن الذي يتكون من عالم نام يمثل نحو 80 في المئة من كتلته، وعالم متطور يمثل نحو 20 في المئة، هو نتاج تلك الثورة الصناعية التي حدثت في أوروبا، فغالبية شعوب العالم النامي خضعت للاستعمار الغربي الذي استخدم التقنيات الحديثة، التي توصل إليها عن طريق التصنيع، في إخضاع الشعوب الأخرى لحكمه، ورغم استقلال تلك الشعوب، وإقامتها حكومات مستقلة، إلا أن معظمها ظل يفتقد إلى المال الكافي لتمويل عملية التحديث في المدن والريف، وإذا توفر المال فإن الطابع الشمولي لغالبية تلك الحكومات، يجعل من الصعب تتبع أوجه صرف ذلك المال الذي قلما يستخدم في التطوير والتحديث. ومن هنا ظل الفقر ينتشر بقوة في أرجاء واسعة من دول العالم النامي، وهناك دول كثيرة في أفريقيا وآسيا لديها مقومات طبيعية وثروات واسعة تمكنها من أن تكون دولاً غنية، لكنها رغم ذلك ظلت في الحضيض مثل: دولة مدغشقر تلك الدولة الجزيرة الضخمة، التي لديها ثروات وموارد منجمية متنوّعة، مثل: الحديد والنحاس والأتربة النادرة، إلى جانب الغرافيت والبوكسيت والكروم والنيكل والذهب”، ومساحتها تقدر بحوالي 590 ألف كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها 27 مليون نسمة فقط. لكنها رغم ذلك، تصنف ضمن الدول الأقل تقدماً في العالم. حيث بلغ إجمالي الدخل القومي للفرد الواحد نحو 290 دولاراً لعام. ويعيش 70% من سكانها تحت خط الفقر، وتتجاوز نسبة الأمية فيها 60% من مجموع السكان. وهذه الدولة هي عينة لدول أخرى مماثلة.
إن القضاء على الفقر في دول العالم النامي هو، في الواقع، مسألة معقدة للغاية، فالفقر في تلك الدول، في الغالب، ليس ناتجاً عن قلة في الموارد في غالبية تلك الدول، بل بسبب سوء الإدارة وانتشار الفساد وعجز تلك الدول عن تحقيق نفسها، وفهم واقعها، وهجرة العقول الواعدة فيها للبحث عن فرص أفضل، وواقع معيشي أكثر أمانًا، وكذلك عدم تحقيق الانسجام بين مكونات شعوبها مما يؤدي إلى غلبة طائفة أو قومية على الطوائف والقوميات الأخرى الموجودة، وهذا ما يتسبب في انتشار الحروب والفتن، وبالتالي فإنه يعيق عملية الانطلاق نحو المستقبل.

شاهد أيضاً

شاومي تتألق في تصنيف Brand Africa 2025 وتطرح تابلت Redmi Pad 2 بتقنيات متطورة في المغرب

أعلنت علامة شاومي عن احتلالها المرتبة 29 ضمن تصنيف Brand Africa لعام 2025 لأكثر العلامات …