محمد خليفة
وقع المغرب والصين اتفاقية تهدف إلى زيادة التعاون بين البلدين بشكل كبير في إطار مبادرة “الحزام والطريق”. وبموجب الاتفاقية، ستشجع حكومة الصين الشركات الصينية الكبرى على الاستثمار في المغرب في مختلف القطاعات، بما في ذلك صناعة السيارات والطيران والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية وغيرها. وقد انضم المغرب إلى مبادرة الحزام والطريق عام 2017، في مؤشر على الاهتمام بتوثيق العلاقات مع الصين كدولة عظمى ذات نفوذ عالمي واسع. وتعد العلاقات بين الدولتين مثالاً على العلاقات بين الدول في العالم، وما فتئت هذه العلاقات تتعزز على مر السنوات، ضمن مبادرة “جنوب – جنوب”. وتشترك الدولتان في كونهما منخرطتين في تطوير أفريقيا وتعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة على المساواة في التعامل ومبادئ الامتيازات المتبادلة والتنمية المشتركة، وفي عام 2016 قام الملك محمد السادس بزيارة إلى الصين بدعوة رسمية من الرئيس شي جين بينغ، وقد مكنت هذه الزيارة الرسمية العلاقات بين البلدين من الانتقال إلى السرعة القصوى لترتقي لشراكة استراتيجية شاملة. كما أنها رسخت الخيار الاستراتيجي الذي رسمه المغرب من أجل تنويع شراكاته، ومنذ ذلك الحين تسارعت وتيرة التعاون بين الرباط وبكين من أجل تعزيز علاقاتهما السياسية، على أساس مبدأ الصداقة والتفاهم والتضامن، وتقوية التعاون في مجالات القضاء والثقافة والسياحة والطاقة والبنيات التحتية والخدمات القنصلية، والسيارات والنسيج والطيران واللوجيستيك والطاقات المتجددة. كما مهدت تلك الزيارة السبيل أمام المقاولات الصينية لكي تعزز وجودها بالمغرب وأن تجعل من المملكة منصة حقيقية لتطوير أنشطتها في أفريقيا وأوروبا. والواقع أن توقيع المغرب خطة تنفيذ التعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق، يعد خطوة مهمة جداً تبيّن أن المغرب دولة ذات سيادة وأنها تفعل ما تراه مناسباً لرفاه شعبها وليس وفق ما تمليه التوازنات الدولية التي باتت تفرض نفسها بإلحاح في ظل الصراع الذي فتحته الولايات المتحدة ودول الغرب في وجه الصين وروسيا. والذي يعد أخطر من الحرب الباردة السابقة بين القطبين، لأنه صراع من داخل المنظومة الاقتصادية الغربية نفسها، وليس من خارجها كما كان حال الصراع مع الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يتبنى نظاماً اقتصادياً اشتراكياً مختلفاً بشكل كلي عن الاقتصاد الغربي. ومن هنا يأتي السعي الغربي المحموم لتطويق الصين ومشاريعها في العالم ولاسيما مشروع الحزام والطريق الذي يمثل دليلاً ساطعاً على القوة الاقتصادية الصينية الهائلة في عالم اليوم، فالمشروع قد رصد له ألف مليار دولار، ستدفعها الصين من ماليتها لتمويل البنيات التحتية في مختلف دول العالم التي ستنضم إلى المشروع. وفي الواقع لدى المغرب مكانة جغرافية واستراتيجية تدفع الصين لتمتين العلاقات معه، فهو يمثل بوابة لكل من أوروبا وأفريقيا، وعلاقة المغرب مع غالبية دول أفريقيا ولاسيما في دول غرب القارة وجنوب الصحراء هي علاقة مميزة، فالمغرب أب روحي للشعوب المسلمة في تلك الدول. وبالتالي فهو يمثل حلقة وصل بين الصين وبين تلك الدول، وللمغرب أيضاً علاقات راسخة مع الاتحاد الأوروبي وهو شريك تجاري واقتصادي لهذا الاتحاد عبر اتفاقية التبادل الحر. كما يتمتع المغرب بعلاقات قوية مع الولايات المتحدة.
علاقات المغرب القوية مع مختلف الأقطاب الدولية، تدل على أنه دولة قوية ذات سيادة، وأن الجميع في العالم يريدون وصله لما في ذلك الفائدة لهم. ومن هنا يأتي الاهتمام الصيني بالمغرب وهو اهتمام لن يحجب أبداً المغرب عن شراكاته الأخرى مع القوى النافذة في العالم.العلاقات بين المغرب والصين.
كاتب من الإمارات