بقلم محمد خليفة
يتمتع المغرب بطبيعة ساحرة جعلته مقصداً للسياح من مختلف بقاع العالم، ولاسيما من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يفد السياح لرؤية الأماكن الأثرية والتاريخية، وأيضاً للتمتع بسحر الطبيعة في مناطق كثيرة تنطبع في الذاكرة الجمالية. وبالأخص مدينة مراكش لا يكاد يمر أسبوع من دون أن تسمع عن تنظيم ندوة بمضمون فني أو اقتصادي أو ثقافي أو غيرها يحضرها المئات من مشاهير العالم، نظراً لبنيتها التحتية وقدرتها على تدبير مقام الآلاف بين جنباتها ممن يضافون على عشرات الآلاف من السياح الذين اعتادت عاصمة السياحة المغربية استقبالهم. ولكن منذ حدوث جائحة كورونا، فقد تغيرت وقائع الحياة وتم فرض إجراءات الحظر ومنع السفر لضرورات مواجهة هذه الجائحة، وبعد ثلاث سنوات من الجهود المتواصلة، وصل العالم إلى عتبة الخلاص من المرض في ظل انتشار اللقاحات على نطاق واسع في مختلف الدول، وأيضاً بعد أن حدثت موجة “أوميكرون” الجديدة التي يرى العلماء المختصون في علم الأوبئة أنها الموجة الخاتمة والنهائية لتلك الجائحة، وقد اتجهت غالبية دول العالم إلى رفع قيود كورونا بشكل كامل، أو التخفيف منها إلى أدنى درجة من أجل فتح المجال أمام الناس لتعمل وتنتج ويستمر النمو الاقتصادي، غير أن ما اعتمدته اللجنة الصحية في المغرب من إجراءات مشددة، عندما تم الإعلان عن فتح الحدود الجوية بدءاً من تاريخ 7 فبراير الجاري، فقد فرضت هذه اللجنة مجموعة من الإجراءات والتدابير غير متبعة في أي دولة في العالم، حيث جاء في البروتوكول الصحي الذي أصدرته الحكومة، أنه بالإضافة إلى جواز التلقيح الذي يبين ان السائح أو الزائر قد تلقى ثلاث جرعات من اللقاح، ولديه نتيجة اختبار PCR سلبي لأقل من 48 ساعة، قبل صعود الطائرة بالنسبة لجميع المسافرين الراغبين في الولوج إلى التراب الوطني، وهذا لا خلاف عليه، ولكن أن يحدد البروتوكول أيضاً ضرورة إجراء فحص “PCR” على مجموعات من المسافرين بشكل اعتباطي فور الوصول إلى أرض المطار، على أن يتم إخبارهم بالنتائج لاحقاً، ويعني هذا الإجراء أن البروتوكول الصحي لا يثق بجواز التلقيح ولا بـ”PCR” اللذين بحوزة السائح، وكذلك قرر البروتوكول أيضاً إمكانية إجراء اختبار إضافي بالفندق أو مركز الإقامة بالنسبة للسياح الوافدين على المملكة، وذلك بعد 48 ساعة من دخولهم التراب الوطني (وهذا ما ورد في نص البروتوكول: 1- إجراء اختبارات الكشف السريع للركاب فور وصولهم إلى مطارات المملكة. 2- إجراء اختبارات PCR على مجموعات من المسافرين بشكل اعتباطي فور الوصول، على أن يتم إخبارهم بالنتائج لاحقا. 3- إمكانية إجراء اختبار إضافي بالفندق أو مركز الإقامة بالنسبة للسياح الوافدين على المملكة، وذلك بعد 48 ساعة من دخولهم التراب الوطني). وتطبيق هذا البروتوكول سيمنع السائح من التنقل بين مدن ومناطق المغرب، لأنه قد يتم الاتصال به واستدعاؤه، في أية لحظة، إلى مقر إقامته لإجراء اختبار PCR، عليه. وفي الواقع أن هذا الفحص العشوائي يدل على أن اللجنة الصحية لا تعترف برخصة اللقاح الصادرة من موطن الزائر.
هذه الإجراءات قد تبدو وكأنها موجهة لمنع السياح من المجيء إلى المغرب، فمن ذا الذي سيخاطر ويأتي وهو يعلم أنه معرّض للفحص العشوائي في أية لحظة من لحظات مكوثه في المغرب وهو يقوم بزيارة لمدة قد لا تزيد على أسبوع واحد؟. وفي الواقع فإن الكثير من أبناء مجلس التعاون قاموا بإلغاء سفرهم إلى المغرب، بعد أن اطلعوا على البروتوكول الصحي، وتوجهوا إلى إسبانيا ولغيرها من البلاد، لقضاء إجازاتهم. ومن دون شك فأن الاستمرار بهذه الإجراءات المشددة سوف يحرم الزائر من زيارة المغرب، ولم يخدم قطاع السياحة ولا غيره من القطاعات التي ترتبط أعمالها بخدمة القادمين والزوار.
ويأمل الجميع أن تتم إعادة النظر بالبروتوكول الصحي وبما يمكّن السياح الخليجيين وغيرهم من السفر إلى بلد تعودوا على زيارته ووجدوا دائما من أهله حسن الاستقبال وكرم الضيافة.
نسأل الله أن يديم على المملكة المغربية نعمة الأمن والرخاء والاستقرار في ظل رعاية القائد الحكيم صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه.