محمد خليفة (*)
تلعب السينما دوراً مهماً جداً في تنمية الوعي لدى الناس وهي أفضل وسيلة لنشر الأفكار نظراً للمساحة الواسعة التي تشغلها من خلال دور السينما والتلفزيون والهواتف النقالة أو سائر وسائل العرض الحديثة. وقد كانت المهرجانات التي تقام في مناطق مختلفة من العالم وسيلة لتسليط الضوء على الإنتاج السينمائي وكفاءة الممثلين والمخرجين وغيرهم من عناصر الإنتاج السينمائي، وقد أقيم أول مهرجان في مدينة البندقية في إيطاليا عام 1932، ومن ثم مهرجان “الإيمي” الأمريكي الذي أقيم عام 1949، وجائزته تمنح للمسلسلات والبرامج التلفزيونية المختلفة، ومن ثم مهرجان “كان” الفرنسي وهو أشهر مهرجان في العالم، ويُعنى بكل أنواع الأفلام. ويعد مهرجان مراكش السينمائي الدولي من الفعاليات العالمية المهمة التي تختص بعالم السينما بكل ما فيه من ممثلين ومخرجين ومنتجين ومصورين وسوى ذلك من المهن ذات الصلة بتلك الصناعة الكبيرة. ورغم حداثة هذا المهرجان الذي انطلق عام 2001، لكنه سرعان ما أثبت حضوره العالمي وذلك لاهتمامه الكبير بالسينما الأوروبية والهندية والعربية والأمريكية، وللعديد من الجوائز التي قدمت له كأحسن مهرجان مثل جائزة فليني، وجائزة روبيرتو روسيليني. وقد افتتحت فعاليات الدورة التاسعة عشر من المهرجان في العام الماضي بقصر المؤتمرات بمراكش، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، وبحضور جمع كبير من مشاهير الفن السابع من المغرب والخارج، وشخصيات بارزة من عالم الثقافة والفن والإعلام. واستقبل جمهور المهرجان لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان، التي يترأسها المخرج الإيطالي باولو سورينتينو، وتضم في عضويتها الممثلة البريطانية فانيسا كيربي، والممثلة الألمانية ديان كروجر، والمخرج الأسترالي جاستن كورزيل، والمخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي، والمخرجة المغربية ليلى المراكشي، والممثل الفرنسي طاهر رحيم. وشارك في المهرجان هذا العام نخبة كبيرة من الأفلام المميزة ويصل عددها إلى 76 فيلماً، تعرض في أقسام المهرجان المختلفة مثل المسابقة الرسمية، والعروض الاحتفالية، والعروض الخاصة، والقارة الحادية عشرة، وبانوراما السينما المغربية، وسينما الجمهور الناشئ، وعروض ساحة جامع الفنا، والأفلام المقدمة في إطار التكريمات. وقد تنافس 14 فيلماً من مختلف دول العالم لنيل النجمة الذهبية للمهرجان، كما تم تكريم مجموعة من أشهر نجوم السينما العالمية. ويحظى مهرجان مراكش السينمائي بالرعاية الكاملة من الدولة المغربية ولذلك فهو يزداد تألقاً مع كل دورة جديدة له، وهو يعبر عن المستوى الحضاري والثقافي الذي بلغته المغرب بالتزامن مع الرقي الاقتصادي حيث أصبحت في عداد الدول الناشئة في العالم. فعلى مدى العقد الماضي أحرزت المملكة المغربية تقدماً كبيراً على مستوى ممارسة الأعمال العالمي “دوين بيزنس” حيث قفز من المرتبة 130 عام 2009 إلى المرتبة 53 عام 2020، وهذا التقدم الكبير هو نتيجة جهور كبيرة بذلتها الدولة لتطوير مناخ الأعمال وسن القوانين والتشريعات التي تعمل على تسهيل ممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية وفتح الأسواق المغربية أمام مختلف الشركات، وتطوير القطاع الخاص وتحسين مناخ الأعمال. ولما كانت الثقافة والفنون هي عناصر تعكس مستوى التقدم السياسي والاقتصادي، فإن المملكة المغربية ومن خلال مهرجان مراكش للفيلم تقدم صورة زاهية عنها كدولة عربية أفريقية نجحت في بلوغ العالمية وأثبتت وجودها كدولة راسخة متقدمة تحظى بالاحترام والتقدير من قبل مختلف دول وشعوب العالم.
(*) كاتب من الإمارات
البريد الإلكتروني : medkhalifaaa@gmail.com