أخبار عاجلة

محمد خليفة يكتب: السيارة الكهربائية والتحول العالمي

محمد خليفة (*)

في إطار مساعي المجتمع الدولي لخفض انبعاثات غاز الفحم من أجل الحفاظ على المناخ ومنع حدوث التغيرات الكبيرة التي قد تتسبب في تدهور وانعدام قدرة الانسان على العيش في الأرض، فقد اتفقت الدول المختلفة على استخدام الطاقات البديلة عن الوقود الحفري، مثل طاقة الشمس والهيدروجين وسوى ذلك، وظهرت السيارة التي تعمل بطاقة الكهرباء بوصفها بديلاً عن السيارة التي تعمل بطاقة الوقود، وظهر اتجاه عالمي واسع لتسريع وتيرة الإنتاج من تلك السيارات، وأصبح هناك دول مستفيدة من وراء تلك الصناعة وهي الدول التي لديها مخزون وفير من معدن الكوبالت الذي يستخدم في المدخرات الرصاصية التي تسير السيارة بها والتي يتم شحنها بالطاقة الكهربائية عند فراغها. والكوبالت هو عنصر كيميائي نادر الوجود وتبلغ نسبته 0,4 في المئة من كتلة الأرض، وهذا ما يضع هذا العنصر في المكان الثلاثين في قائمة العناصر النادرة. ويوجد أحياناً بشكل مستقل، لكن غالباً ما يكون مرتبطاً بعناصر أخرى مثل النيكل والنحاس والفضة والحديد واليورانيوم. وتبلغ احتياطيات الكوبالت المعروفة عالمياً 25 مليون طن. وتوجد الكميات الكبيرة من هذا المعدن في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تحوز 50 في المئة من كمية المعدن في العالم، ويوجد هذا المعدن في دول أخرى على رأسها المغرب ومن ثم كندا واستراليا وروسيا. ويعتقد العلماء أن هناك 120 مليون طن أخرى من الكوبالت في قشرة الأرض في تربة المحيطات، الأطلسي، والهادئ، والهندي. وقد بدأت الشركات المصنعة للسيارات تبحث عن موارد الكوبالت، الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار هذا المعدن في السوق الدولية، ففي كانون الثاني، يناير 2020 كان الطن الواحد منه يساوي 33 ألف دولار، وفي الشهر ذاته من عام 2021 أصبح طن الكوبالت يساوي 70 ألف دولار، وهو في ارتفاع مستمر مع زيادة التوجه العالمي نحو السيارات الكهربائية. وتعد المملكة المغربية من أهم دول العالم في إنتاج الكوبالت، وخاصة من منجم بوزار بإقليم ورزازات الشهير بأطباقه الشمسية أيضاً. وتعتبر شركة مناجم “سي سي تي” (CCT)، واحدة من أكبر خمسة منتجة لِكوبالت الكاثود عالي النقاوة في العالم، وقد وقعت شركة “بي أم دبليو” الألمانية عام 2020 مع المغرب عقداً لتوريد الكوبالت بقيمة 100 مليون يورو. وكانت هذه الشركة تستورد الكوبالت من الكونجو لكنها قررت التوقف عن استيراده من هناك بسبب ما تسميها ظروفاً غير انسانية لتشغيل الأطفال، وبغض النظر عن السبب فإن المغرب كان هو المستفيد، وأيضاً فقد وقعت شركة “رينو” الفرنسية في صيف عام 2022، عقداً لشراء خمسة آلاف طن سنوياً من خام الكوبالت المغربي وسيبدأ التصدير اعتباراً من عام 2025. وتخطط المغرب لزيادة الإنتاج من معدن الكوبالت مع اتساع سوق السيارات الكهربائية. ورغم هذا الزخم العالمي الكبير لصناعة ذلك النوع من السيارات، لكن لا تزال السيارات التي تعمل بالوقود تحظى بمكانة أولى في العالم، ووفق إحصائيات المنظمة الدولية لمصنعي السيارات (OICA)، فإنه خلال السنوات القليلة الماضية تسارعت وتيرة إنتاج السيارات عالمياً بشكل كبير، وخاصة في الصين التي تعد الدولة الأولى في هذا المجال من حيث حجم الإنتاج السنوي حالياً. ورغم أنه يصعب الحصول على رقم تقديري لعدد السيارات الموجودة في العالم، لكن يعتقد بعض محللي وخبراء صناعة السيارات أن عدد السيارات في العالم عام 2022 قد تجاوز بالفعل 1.7 مليار، ويستمر الرقم في النمو بمعدل مذهل، مما يجعل من الصعب على سوق السيارات الكهربائية أن يتوسع على حساب السيارات العاملة بالوقود، وربما سينقضي هذا القرن وسيبقى هذا النوع من السيارات غالباً في العالم وبالتالي سيبقى النفط هو الوقود الأول.

(*) كاتب من الإمارات

البريد الإلكتروني: medkhalifaaa@gmail.com

شاهد أيضاً

داكشر المغرب تعزز حضورها اللوجستي بافتتاح مخزن وساحة الاستخلاص الجمركي MEAD في مراكش

افتتحت مجموعة داكشر المغرب، اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 بمدينة مراكش، وحدة لوجستية جديدة تضم …