“المعجزات الإحصائية ” لفاطمة الزهراء عمور: نمو سياحي استثنائي تحت سحر الاجتماعات السنوية بمراكش للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
– انخفاض إيرادات العملة الصعبة بنسبة 2.7٪ في يوليو 2023.
– انخفاض إيرادات العملة الصعبة بنسبة 11٪ في أغسطس 2023.
– تضليل متعمد لأرقام عدد ليالي المبيت حسب الجنسية!
بقلم الزوبير بوحوت (*)
في جو مليئ بالتفاؤل، اختارت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، لحظة مثالية للكشف عن “إنجازاتها الرائعة” لشهر شتنمبر 2023، إذ لا شيء يضاهي الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي في مراكش للإعلان عن رقم قياسي في القطاع السياحي. فحتى هذا الزلزال المأساوي لم ينجح في وقف نمو السياحة المغربية، وللوهلة الأولى يهيئ لنا أنه “ليس هناك من سيوقفنا في سعينا نحو استقطاب 14 مليون سائح بحلول نهاية عام 2023″، كما أكدت ذلك السيدة الوزيرة في تصريح للصحافة.
اختارت السيدة الوزيرة هذه اللحظة الحاسمة في 10 أكتوبر 2023 للكشف عن أرقام سبتمبر، في حين لم يتم نشر بيانات يوليو وأغسطس إلا قبل بضعة أيام فقط في 6 أكتوبر. وبالطبع، تم التغاضي عن ذكر بعض التفاصيل الصغيرة والمهمة التي قد تلوث هذا الصورة الناجحة والتي سنحاول عرضها.(نقصد التفاصيل).
وفقًا لوزيرتنا العزيزة، “أكثر من 960,000 سائح زاروا المغرب في سبتمبر 2023″، مع نمو مذهل بلغ 7 ٪ مقارنة بنفس الفترة في 2022. وبالإضافة إلى ذلك، استقبل المغرب بالفعل 11.1 مليون سائح في عام 2023، متجاوزًا بذلك أرقام عام 2022 بالكامل. ولكن لا تتوقعوا مزيدًا من التفاصيل، مثل عدد وصول السياح الأجانب والمغاربة المقيمين في الخارج أو حتى عدد الليالي حسب الجنسيات، لأن هذه المعلومات على ما يبدو قيمتها كبيرة جدا لتكون متاحة لنا.
من الواضح أن وزيرتنا أرادت الاستفادة من ضوء اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتزيين “إنجازاتها”، لكن واقع الحال ليس بتلك المثالية، فمنذ زلزال 8 سبتمبر، قامت السيدة الوزيرة بجدية لافتة، حيث قضت الفترة ما بين 9 و11 سبتمبر في تاغازوت لقضاء بعض الوقت في الاسترخاء، ثم عقدت اجتماعًا “صوريا صغيرًا” مع مهنييي القطاع السياحي في 12 سبتمبر دون تقديم اي نتائج منذ ذلك التاريخ، كما قامت بزيارتها السياحية الصغيرة إلى ساحة جامع الفناء. إنه لأمر مذهل تقوم بها مرة أخرى وزيرتنا المتخصصة في السياحة. وهنا لابد ان نتذكر أنه بينما كانت الحكومة المغربية تستثمر ملايين الدراهم لإعادة الترويج للنشاط السياحي بعد أزمة كوفيد، كانت وزيرتنا تفضل قضاء عطلتها في الخارج والترويج لبلد آخر عبر مشاركة تجاربها في ذلك البلد مع متابعاتها ومتابعيها في وسائل التواصل الاجتماعي دون ايلاء اي اهتمام لأولويتها كمسؤولة على القطاع او لحسها الوطني الذي كان يتطلب ان تروج اولا واخيرا لبلدها، وذلك عملا بالقسم التي أدته حين تعيينها في حكومة الكفاءات. ألم تكن تردد بدورها القسم الذي يقول :”أقسم بالله العظيم أن اكون مخلصا لديني ولملكي ولوطني وان اؤدي مهمتي بصدق وأمان….”
اما الآن ،دعونا نعود إلى جداول القطاع المنجزة من طرف المرصد الوطني للسياحة لشهري يوليو وأغسطس 2023، و التي تم نشرهما في 6 أكتوبر 2023. فهذه الجداول تحاول إخفاء أرقام عام 2019 لتقديم أرقام 2022 فقط، لتشويه تحليلنا.
فعندما نقارن بين عامي 2023 و2022، فإنه من الضروري أن نأخذ في اعتبارنا الظروف الاستثنائية لعام 2022. ففتح الحدود تدريجيًا في فبراير وأبريل للرحلات الجوية والبحرية، بالإضافة إلى القيود المتعلقة بفحوصات PCR وشهادة التطعيم حتى مايو 2022، كان لها تأثير كبير على تدفقات السفر، مما يجعل أي مقارنة مباشرة صعبة. اما للحصول على تقييم حقيقي، من الواجب الرجوع إلى بيانات عام 2019. فماذا تقول هاته الأرقام؟
تكشف أرقام المرصد الوطني للسياحة أن حجم الوافدين قد ارتفع من 7.5 مليون خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2019 إلى 8.6 مليون خلال نفس الفترة من عام 2023، أي زيادة بنسبة +16٪ أو زيادة بلغت 1.1 مليون وافد اضافي. ومع ذلك، فمليون وافد إضافي هم من المغاربة المقيمين في الخارج، مع زيادة بنسبة 29٪. وبالمقابل ازداد عدد السياح الأجانب ب 125،000 وافد فقط، أي زيادة بنسبة 3٪. وبالطبع، ليس لدينا أي معلومات عن عدد الليالي حسب الجنسيات، اذ لا يرى المرصد الوطني للسياحة التابع للوزارة اي فائدة لتقديم هاته المعلومات المهمة لمهنيي القطاع؟ مع العلم أن إيرادات العملة الصعبة انخفضت بنسبة 2.7٪ في يوليو 2023 مقارنة بنفس الشهر من عام 2022!
ويبقى أغرب ما في الأمر، هو عدم تضمين الأرقام التفصيلية حول عدد الليالي حسب الجنسيات في جداول يوليو 2023 بشكل متعمد، وهو ما يعتبر فراغًا مقصودًا ينطوي على سوء النية في التعامل مع اهم مؤشرات القطاع.
وبهذا فالأرقام التفصيلية حول ليالي السياح الأجانب غير متاحة في الجداول مند قدوم السيدة الوزيرة الى القطاع ، على الرغم من وجودها في جداول عام 2019 (2،782،757 للفرنسيين نهاية يوليو 2019)، البريطانيين (1،642،289)، الألمان (1،015،578).وبهدا يبدو أن الوزارة تحاول إخفاءها عمدا، مما يجعل أي تحليل حقيقي لتطور أسواقنا مستحيلاً تقريبًا.
ومن ناحية أخرى، فجداول المرصد الوطني للسياحة لشهري يوليو وغشت تتجاهل عدد ليالي المبيت حسب المدن في عام 2019، يبدو أنها تحاول إخفاءالأداء الغير المرضي للعديد من الوجهات السياحة مثل أكادير التي شهدت انخفاضًا بنسبة 11٪ مقارنة مع 2019 ، والدار البيضاء التي فقدت 10٪ من ليالي المبيت وفاس التي سجلت انخفاضًا بنسبة 30٪، بينما تم تجاهل ورزازات تمامًا في الجداول، مما يشير إلى انخفاض يزيد عن 50٪ من ليالي المبيت بها. وفي المقابل سجلت مراكش وطنجة نموًا بنسبة 10٪ و12٪ على التوالي. القطاع يحتاج إلى الكثير من الشفافية ، سيدتي الوزيرة السائحة.
اما في شهر غشت 2023، انخفضت مداخيل العملة الصعبة الخاصة بالسياحة الدولية بنسبة 11٪ مقارنة بعام 2022، على الرغم من زيادة عدد ليالي المبيت للسياح الأجانب بنسبة 20٪ حسب احصائيات المرصد الوطني للسياحة. وهو وضع متناقض هذا الوضع يتحدى أي منطق!
حان الوقت للتساؤل عن مكان صحافتنا الاقتصادية، لأنه يبدو أننا بحاجة ماسة إلى نظرة واقعية ونقدية لتفسير الأرقام وبلاغات الخطب و المديح!
كلامي لمن يهمه الأمر…
وفي انتظار ذلك تقبلي سيدتي عبارات التقدير والاحترام
(*) خبير في القطاع السياحي