كشفت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (Confédération Marocaine des TPE-PME) ان مشروع قانون المالية لعام 2024، الذي سيدخل حيز النفاذ بدءا من فاتح يناير 2024، لا يحتوي على أي تدابير خاصة تهدف إلى مساعدة وإنقاذ المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة بالمغرب، مما يثير قلقًا مشروعًا بالنظر إلى أن العديد من المقاولات الصغيرة بالفعل مهددة بالإفلاس.
وشددت الكونفدرالية، في بلاغ لها صادر بالتزامن مع نهاية العام 2023، على ضرورة الأخذ في الاعتبار تأثير هذا المشروع على المقاولات الصغيرة جدًا والمتوسطة في المغرب، حيث أنه معروف جيدًا أن هذه المقاولات غالبًا ما تكون الأكثر ضعفًا في فترات الأزمات الاقتصادية.
وأشار البلاغ، الذي توصل موقع “المستقبل24” بنسخة منه، إلى السياق الوطني الحالي، المميز بتوقف برنامجي التمويل “فرصة” و”إنطلاقة” للمقاولات الصغيرة جدًا والمتوسطة، وغياب المراسيم التنفيذية للقانون رقم 156 الذي يمنح حصة 20٪ من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، وزيادة الضرائب من 10٪ إلى 15٪ لعام 2024 و 20٪ لعام 2026، وتاتير الجفاف ورفع سعر المحروقات ورفع سعر الفائدة والتضخم ما إلى ذلك … إلى جانب السياق الدولي، المميز بتواصل الأزمة الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وارتفاع الاسعار وحرب اوكرانيا مما يزيد من هشاشة هذه الشركات.
ودعت الكونفدرالية المذكورة الحكومة على ضرورة اتخاذ تدابير مرافقة وبرامج تهدف إلى دعم المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، وإنقاذ تلك المهددة بالإفلاس وفي الوقت نفسه إنقاذ فرص عمل، بالإضافة إلى المقاولين الذاتيين. وقالت: “للأسف، لم يتم توفير أي ترتيبات ضمن إطار مشروع قانون المالية لعام 2024 لتخفيف المعاناة التي تواجهها المقاولات الصغيرة المهددة بالإفلاس”. وأضافت: “على العكس من ذلك، اعتمدت هذه الحكومة تدابير تستمر في الضغط على المقاولات الصغيرجدًا، بما في ذلك زيادة تدريجية في الضرائب من 10٪ إلى 20٪ على مدى 4 سنوات. في هذا العام، ستخضع المقاولات الصغيرة جدًا لضريبة على الشركات بنسبة 15٪، إلى جانب توقف برنامجي التمويل “فرصة” و”إنطلاقة” وكأن الوصول إلى التمويل بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدًا والمقاولين الذاتيين أمر متوفر وسهل، وقانون رقم 156 الذي يمنح حصة 20٪ من المشتريات العمومية لا يزال معلقًا منذ صدوره في عام 2013 وبالإضافة إلى العديد من العوائق”.
وذكر البلاغ انه “على النقيض من ذلك، نجد أن المقاولات الكبيرة تستفيد من إعفاءات ضريبية على ضريبة الشركات وضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل، بالإضافة إلى التحفيزات المالية والعقارية”. وأضاف: “لقد أعلنت وزارة المالية مؤخرًا في هذا الصدد عن أكثر من 292 تدبيرًا لصالح الباطرونا والمقاولات الكبيرة، زاعمة أن ذلك سيعزز الاستثمار وخلق فرص عمل وتشجيع الصناعة المحلية”.
وتابع البلاغ: “من الواضح أن هذه الحكومة منحت مزايا للمقاولات الكبيرة والمقاولات الكبرى في إطار قانون المالية لعام 2024، بحجة تعزيز الاستثمار وخلق فرص عمل، مع الاستمرار في إهمال المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة والمقاولين الذاتيين وتركهم لمصيرهم”. وأشارت الكونفدرالية ذاتها الى انه بالنظر عن قرب في مجال الاستثمار يظهر ان لجنة الاستثمار التي يرأسها رئيس الحكومة السيد أخنوش، عقدت ثلاث اجتماعات في عام 2023 ووافقت على 58 مشروعًا يمثل استثمارًا قدره 107 مليار درهم ستخلق 17.500 فرصة عمل.
وأفاد البلاغ ان تحليلا سريعا لهذه الأرقام يكشف أن تكلفة خلق منصب شغل واحد تبلغ أكثر من 6.1 مليون درهم من الاستثمار، على الرغم من التحفيزات والإعفاءات والامتيازات والحوافز المالية الممنوحة. واشار الى انه “من الواضح أن النتائج الأفضل يمكن تحقيقها إذا تم دعم تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتشجيع إنشاء الشركات لدى الشباب”.
وكشفت الكونفدرالية المذكورة أن “برنامجي “فرصة” و”إنطلاقة” هي أمثلة جيدة للنجاح وإنشاء مناصب شغل بأقل تكلفة.بتمويل قدره 100.000 درهم، يمكن إنشاء منصب شغل أو إثنان، بدلاً من الـ 6.1 مليون درهم المطلوبة حاليًا ومجموعة من الإعفاءات والامتيازات. يمكننا أن نحقق نتائج أفضل بزيادة التمويل إلى 200.000 درهم أو 250.000 درهم للمشروع الواحد، وفي الوقت نفسه تطبيق القانون 156 الذي يخصص 20% من الصفقات العمومية لهذه المقاولات الصغيرة جدا وتطبيق مرسوم الذي يمنح 10% ايضا من الصفقات العمومية للمقاولين الذاتيين والتعاونيات وغيرها من التدابير المحفزة”.
“رغم جميع المزايا والتشجيعات المقدمة للباطرونا والمقاولات الكبيرة، لم ينشئ المغرب سوى 17.500 منصب شغل، لكنه فقد بالمقابل 25.000 مقاولة صغيرة جدا في عام 2022، مما أدى إلى فقدان عشرات الآلاف من المناصب. ونقل نصف هذه المقاولات الصغيرة ومناصب الشغل إلى القطاع غير المهيكل، الذي يشغل الآن 77.3٪ من القوى العاملة في المغرب”، تقول الكونفدرالية مستشهدة بأرقام تقرير البنك الدولي.
وبلغة الأرقام، كشفت ذات الهيئة “أن نسبة البطالة وصلت إلى 13،5% في نهاية 2023، وهو نفس معدل عام 1995، عندما أعلن الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب شهير في البرلمان أن المغرب يواجه السكتة القلبية. كما أن 77،3% من الوظائف التي تم إنشاؤها توجد في القطاع غير المهيكل (المصدر: البنك الدولي)، وأن 70٪ من المقاولات الصغيرة جدا تنشط في هذا القطاع غير المهيكل من إجمالي 7 ملايين مقاولة صغيرة جدا، بالإضافة إلى 25.000 من هذه المقاولات أعلنت إفلاسها عام 2022 وأن 250.000 مقاولة مهددة بالإفلاس، بالإضافة إلى إغلاق 8.964 مقهى ومطعم في جهة الدار البيضاء – سطات فقط في 2023، مما أدى إلى فقدان 107.568 منصب شغل (المصدر: الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب)، دون الحديث عن الجهات الأخرى والقطاعات الأكثر تأثرًا مثل البناء والتشييد والصناعة والسياحة والحرف اليدوية والخدمات والتجارة والنقل، وما إلى ذلك…”.
وأكدت الكونفدرالية أن “الإقتصاد المغربي فقد حوالي 300.000 منصب شغل بين الربع الثالث من عام 2022 وعام 2023، بخسارة 269.000 منصب في المناطق القروية و29.000 منصب في المناطق الحضرية بسبب نقص البرامج الموجهة خصوصًا للمشاريع الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والجفاف والتضخم وارتفاع أسعار الوقود وارتفاع سعر الفائدة وتداعيات جائحة كوفيد-19، وما إلى ذلك…”.
ووجهت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة نداء إلى الجهات العليا في البلاد والمسؤولين لإعادة العمل برنامجي “فرصة” و”انطلاقة” وتنشيطهما وتعزيزهما، بدلاً من إيقافها كما يبدو أنه سيحدث في إطار مشروع قانون المالية لعام 2024 بالنسبة لبرنامج “فرصة “. أما بالنسبة لبرنامج “إنطلاقة “، فهو في الوقت الحالي في انتظار تقرير المجلس الاعلى للحسابات التي تقوم بتقييم لهذا البرنامج بناءً على طلب من البرلمان.
وفي ذات السياق، أكد عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية “عقد اجتماع عمل بهذا الشأن مع قضاة هذا المجلس لإبلاغهم بالتجاوزات في برنامج ‘انطلاقة’ وتزويدهم بتوصياتنا لتحسين أداء هذا البرنامج الملكي الذي نطمح إلى استمراره”.
واعلن الفركي، أيضا، عن إطلاق نداء إلى الحكومة والوزارات والمسؤولين عن هذه البرامج وبرامج مقاولاتية الأخرى أن لا تكون هذه البرامج ملكية فردية، بل يجب أن يتم ضم جميع الأطراف المعنية وإقامة حكامة مناسبة لتسييرها وتنفيذها، لأنها تنتمي إلى الدولة والشعب المغربي، وخاصة الشباب منهم.
وإورد البلاغ ان “الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة تتمنى بشدة إعادة إحياء البرنامج الملكي “إنطلاقة”، الذي يلبي احتياجات المقاولات الصغيرة جدا وحاملي المشاريع بالخصوص بشكل أفضل”. وقال: “من الأهمية بمكان تفعيل وتعزيز عملية المرافقة وضمان إجراءات صرف القرض في وقت يسمح للمقاول بمزاولة عمله بانشاء مقاولته دون تعقيدات بنكية او بيروقراطية قد تعصف بالمشروع في مهده. يجب أن تسهل البنوك وتمويلكوم هذه العملية قدر الإمكان وإعادة النظر في النظام القديم والثقيل الذي يعود إلى التسعينيات”.
بالنسبة لبرنامج “فرصة”، اكد البلاغ “انه من المهم إجراء تقييم للنسختين السابقتين لتصحيح نقاط الضعف والخلل التي طالت النسخة الثانية. يجب ألا يتم إيقافه بأي حال من الأحوال، بل يجب تعزيزه وإعادة تنشيطه بمبالغ مهمة قدرها 200.000 درهم أو 250.000 درهم لكل مشروع، نظرًا للطلب الكبير من الشباب والاهتمام الذي أثاره هذا البرنامج بين رواد الأعمال الشباب. ومع ذلك، من الضروري تجنب أي تدخل من جهات ثالثة تحمل مصالح شخصية وبعيدة عن روح ريادة الأعمال، والتي تسعى فقط إلى الترويج لنفسها كمدافعين عن الأشخاص الضعفاء. من المهم أن نذكر أن برنامج “فرصة ” يهدف إلى إنشاء وتمويل المشاريع التجارية و خلق المقاولات ولا يجب أبدًا أن يُعتبر كمساعدة اجتماعية من الدولة”.
هذا، وتؤكد الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة “انعدام التشاور والاستشارة من جانب الحكومة أثناء إعداد مشروع قانون المالية والبرامج المختلفة. يبدو أنها لا تأخذ في الاعتبار الأزمة الحالية لمعظم المقاولات والإفلاسات التي تعاني منها المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والمقاولين الذاتيين”.
وفيىابختام، لفتت الكونفدرالية ذاتها الانتباه، أيضًا، إلى الإجراءات الإدارية الثقيلة والتأخر في الحصول على العديد من التراخيص والبطء في تنفيذ القوانين والبرامج المختلفة، بما في ذلك التحول الرقمي، مدينة، في نفس الآن، “التدابير القاسية التي تتخذها المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ضد المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والمقاولين الذاتيين.
