المستقبل 24 جريدة إلكترونية مغربية أخبار متنوعة
في ظل التطور التكنولوجي السريع، يثير الذكاء الاصطناعي جدلاً متزايدًا حول تأثيره المتنامي في الحياة اليومية، وخاصة بعد إعلان شركة OpenAI عن دمج تقنية “شات جي بي تي” مع تطبيق “واتساب” للمحادثات الفورية. هذه الخطوة تعكس مدى انتشار الذكاء الاصطناعي ودخوله في مختلف جوانب الحياة البشرية، لكنها في الوقت ذاته تثير تساؤلات حول تداعيات هذا التغلغل.
الدكتور محمد أمين المحفوظي، الباحث في علوم المعلومات والتواصل، يرى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد تقنية متخصصة بل أصبح جزءًا أساسيًا من التطبيقات اليومية التي يستخدمها الجميع، من الطلاب إلى الباحثين، وأيضا المواطنين العاديين. ويشير المحفوظي إلى أن شركات كبرى مثل ميتا تقوم بتسهيل الوصول إلى هذه التقنية عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “واتساب” و”ميسنجر”، مما يتيح للمستخدمين العاديين التفاعل مع الذكاء الاصطناعي للحصول على إجابات سريعة ودقيقة في مختلف المجالات.
غير أن المحفوظي ينبه إلى الأبعاد الأخلاقية والمعرفية لهذا التطور. فهو يصف الذكاء الاصطناعي بأنه “مكننة صناعية” تعتمد على السرعة والكفاءة في معالجة البيانات، لكنه يحذر من الاعتماد المفرط عليه. فوفقًا له، قد يؤدي هذا الاعتماد إلى تراجع الذكاء البشري وإضعاف قدرات الإنسان الإبداعية، مما يهدد مكانة العقل البشري الذي يظل، على حد تعبيره، الأكثر تطورًا على هذا الكوكب.
وفي الوقت الذي يعترف فيه المحفوظي بفوائد الذكاء الاصطناعي، لا سيما في تسهيل الوصول إلى المعلومات وتحقيق إنجازات علمية ضخمة، فإنه يسلط الضوء على الجانب المظلم لهذه التقنية. من أبرز هذه السلبيات استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الحروب، حيث تُتخذ قرارات قاتلة بواسطة آلات باردة، مما يقلل من البعد الإنساني ويزيد من تعقيد النزاعات.
على المستوى المجتمعي، يعتبر المحفوظي أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة تكنولوجية تعيد تشكيل المجتمعات بطرق قد تتجاوز تأثير الثورة الصناعية. لكنه يدعو إلى ضرورة التفكير النقدي في هذه التقنية من قبل العلماء والمتخصصين في مجالات التكنولوجيا والقيم والأخلاقيات. ويشدد على أهمية توجيه هذا التطور بما يخدم الإنسانية ويحترم القيم الأساسية بدلاً من أن يصبح أداة لتفاقم التحديات.
في النهاية، يرى المحفوظي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو اختبار لقدرة البشرية على التوازن بين الابتكار والمسؤولية الأخلاقية.
