الأستاذ عبد اللطيف أيت بوجبير (*)
إنه موسم العزل، دون هزل، فلا شك أن عزل منتخب عن ممارسة مهامه التمثيلية يُعد جزاءً خطيرًا واستثنائيًا، إذ ينهي مهام عضو منتخب بإرادة شعبية، نال ثقة المواطنات والمواطنين في انتخابات حرة ونزيهة.
ومن المفروض أن تُستخدم سلطة الإحالة الصلاحية المخولة لها قانونًا بشكل معقول ونزيه، ولهدف المصلحة العامة للمرفق العمومي والجماعة الترابية. فلا يجوز أن تُستعمل هذه السلطة لغرض غير مشروع أو لأغراض غير إدارية، مع العلم أن القضاء الإداري مستقر على أن الغلو في تقدير طبيعة المخالفة في حد ذاته يُعد تعسفًا في استعمال السلطة.
إن عقوبة العزل تُعد بمثابة العقوبة القصوى، التي تشكل خطرًا حقيقيًا على الديمقراطية التمثيلية، وعلى الإرادة الشعبية، وعلى مصداقية وجدوى العملية الانتخابية، كما تهدد المشاركة في الحياة السياسية. وقد تساهم في تغول سلطة الوصاية باعتبارها سلطة الإحالة.
وتكثر في هذه الفترة (منتصف الولاية) ملتمسات إعمال مقتضيات المادة 64 من الظهير الشريف رقم 1.15.85 الصادر بتاريخ 07 يوليو 2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات المحلية، من قبل السادة عمال وولاة الجهات والأقاليم والعمالات، خاصة في خضم الحديث عن ضرورة تخليق الحياة السياسية وحماية المال العام، ومحاربة كل مظاهر التسيب في تدبير الشأن المحلي.
فما هي الإجراءات القانونية القبلية الواجب اتباعها من أجل مباشرة مسطرة عزل منتخب؟ وهل للقضاء الإداري دور في ممارسة رقابة على سلطة العزل؟
I. الإجراءات القانونية القبلية الواجب اتباعها لمباشرة مسطرة عزل المنتخبين.
إن سلطة الوصاية الموكول لها صلاحية عزل المنتخب ملزمة بالتقيد بمجموعة من الإجراءات الشكلية والمسطرية المنصوص عليها قانونًا عند إحالة طلبات عزل المنتخبين على المحكمة الإدارية المختصة. وخرق هذه الإجراءات يُعد أمرًا يترتب عليه عدم قبول الطلبات أو رفضها حسب الحالة.
وزارة الداخلية من جهتها سبق أن شددت من خلال دورية السيد وزير الداخلية رقم 50 D.17 بتاريخ 12 يناير 2022، بشأن مسطرة عزل منتخبي مجالس الجماعات الترابية من انتدابهم، على أنه “بالرجوع إلى مقتضيات مواد القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية سالفة الذكر، يتبين أنها حددت الإجراءات القانونية الواجب اتباعها من أجل مباشرة مسطرة عزل المنتخبين، مبنية على مجموعة من الإجراءات اللاحقة”.
ومن بين الإجراءات المتعلقة بعزل رئيس المجلس على سبيل المثال فإنه: “يتعين مراسلته قصد تقديم إيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه والتي بجب على هذا الأخير تقديم الجواب بشأنها، مع إرفاقه بالوثائق الإثباتية إن اقتضى الحال، وذلك داخل أجل عشرة (10) أيام من تاريخ توصله بطلب الإيضاحات المذكور”.
وتطبق نفس المسطرة مع الحرص على توجيه طلب الإيضاحات الكتابية إلى العضو المعني عن طريق رئيس المجلس وليس مباشرة.
وفي حالة عدم التوصل بجواب الرئيس أو النائب أو العضو المعني عن طلب الإيضاحات الكتابية بعد انصرام الأجل المذكور، فإنه يمكن إحالة ملف المعني بالأمر على المحكمة الإدارية قصد طلب عزل الرئيس أو النائب من عضوية المكتب أو المجلس أو عزل العضو من انتدابه بالمجلس.
(*) محام بهيئة المحامين بالدار البيضاء