متابعة / تيفلت
نظمت جمعية مبادرات للتنمية، بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، منتدى للنقاش الفكري حول التراث الثقافي الأمازيغي، وذلك يوم الجمعة 7 فبراير 2025 بدار المواطن بتيفلت. ويهدف هذا المنتدى إلى إبراز المعالم الثقافية اللامادية للهوية الأمازيغية، وتسليط الضوء على دورها في ترسيخ القيم المجتمعية والحفاظ على الموروث الثقافي.
افتُتِح المنتدى بكلمة ترحيبية ألقاها السيد مراد اليوسفي، رئيس جمعية مبادرات للتنمية، حيث رحّب بالحضور والمتدخلين وأشاد بأهمية مثل هذه المبادرات في توثيق الهوية الأمازيغية وتعزيز الحوار الثقافي حولها.
أدار الجلسة الكاتب والصحفي ذ. جمال أوجدو، وهو ناشط أمازيغي معروف بمساهماته الفعالة في إغناء التراث الأمازيغي من خلال البحث والتوثيق، إضافة إلى اهتمامه بالموسيقى الأمازيغية، حيث أصدر مؤخرًا كتاب “هكذا غنى محمد رويشة”، الذي يوثق تجربة الفنان الراحل وأثره في المشهد الموسيقي الأمازيغي .
و تناول الأستاذ محمد شتواني، وهو باحث في التراث، جانبًا مهمًا من الثقافة الأمازيغية، حيث ركّز على الروابط الثقافية بين القبائل الأمازيغية، متخذًا قبائل زمور كنموذج، حيث أوضح مفهوم “تاضا” الذي يمثل روابط التضامن والتآزر بين القبائل، وهو عنصر أساسي في البنية الاجتماعية والثقافية الأمازيغية.
من جهته، قدم الدكتور سعيد بلفقيه، رئيس مركز مسار للأبحاث والدراسات وتحليل السياسات، في مداخلة له المعمّقة حول المقاومة الثقافية والمرجعية التاريخية للاحتفال بالثقافة الأمازيغية، حيث أشار إلى كيفية توظيف الثقافة كأداة للحفاظ على الهوية ومواجهة طمس الموروث الأمازيغي.
كما تطرّق الدكتور محمد البلبال، الباحث الأكاديمي، إلى أهمية انتقال الموروث الثقافي الأمازيغي من جيل إلى جيل، مبرزًا الإسهامات التي تؤدي إلى بناء التنشئة الاجتماعية للأفراد داخل المجتمع الأمازيغي، ومشيرًا إلى التكامل بين التراث المادي وغير المادي في صياغة هوية ثقافية متينة.
يعدّ هذا المنتدى فرصة مهمة لإبراز القضايا المرتبطة بالهوية الأمازيغية والتحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي. فبينما تتسارع وتيرة التغيرات الاجتماعية والثقافية، يصبح من الضروري توثيق وحماية هذا الموروث العريق عبر الدراسات الأكاديمية، المبادرات المجتمعية، والفنون.
شهد الملتقى الفكري حول التراث الأمازيغي فتح باب للنقاش العلمي أمام عدد من النخب و الباحثين المتخصصين في الشأن الثقافي الأمازيغي، حيث تلاقحت الأفكار وتعددت الرؤى حول سبل الحفاظ على الهوية الأمازيغية وصون تراثها اللامادي. وقد شكل هذا اللقاء منصة حوارية غنية، ناقش خلالها المشاركون قضايا جوهرية تتعلق بتحديات التوثيق، سبل الإحياء، وآفاق تثمين الموروث الثقافي في ظل التحولات المجتمعية الراهنة.
يأتي هذا المشروع كمساهمة من الجمعية كمكون من المجتمع المحلي بمدينة تيفلت التي تنخرط في السيرورة التأطيرية الموكولة لهيئات المجتمع المدني في المساهمة في تنشيط واقتراح نفعيل السياسات العمومية باختلاف اهتماماتها. لذا، فإن جمعيتنا تعتبر هذا المشروع ورشا للتداول الفكري والتناظر الموسوم المؤطر بالرغبة في إثراء مساعي تثمين الموروث الثقافي الأمازيغي سواء المادي منه أو اللامادي .
كما يشكل هذا المنتدى الثقافي لبنة أساسية في صرح الجهود المبذولة للحفاظ على التراث الأمازيغي ، سواء من خلال البحث العلمي، التوثيق، أو إشراك المجتمع المدني، مما يجعله نموذجًا يُحتذى به في تعزيز الهوية الثقافية الأمازيغية للأجيال المستقبلية .