المستقبل 24 / الرباط
نظم يومه الخميس 13 مارس 2025 بمجلس النواب ،لقاءً دراسياً من تنظيم فرق الأغلبية حول “مستجدات مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.02 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، وذلك في سياق النقاش الدائر حول تحديث المنظومة القانونية والقضائية في المغرب لمواكبة التحولات المجتمعية والتزامات البلاد الدولية في مجال العدالة وحقوق الإنسان.
يأتي هذا اللقاء في ظل سعي الحكومة إلى تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتحديث القوانين بما يواكب التطورات الحقوقية.
ويشكل مشروع تعديل المسطرة الجنائية أحد أبرز القوانين التي تحظى بجدل واسع، إذ يعتبر من الأدوات الحاسمة لضبط التوازن بين سلطة الدولة في إنفاذ القانون، وحقوق الأفراد وحرياتهم.
افتُتح اللقاء بكلمات لرؤساء فرق الأغلبية، الذين شددوا على أن التعديلات المطروحة تهدف إلى تحديث الإجراءات الجنائية بما يتماشى مع المبادئ الدستورية والتزامات المغرب الدولية، خاصة فيما يتعلق بحقوق المتهمين والضحايا، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. كما أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن مشروع القانون يسعى إلى معالجة بعض الاختلالات العملية التي تعيق تحقيق العدالة الناجزة.
توزع النقاش العلمي على عدة محاور أساسية، أبرزها:
1. التعديلات الجوهرية في المسطرة الجنائية:
تناول السيد هشام الملاطي ، مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة، الإطار العام لمشروع القانون، مشيراً إلى أن الإصلاحات المطروحة تسعى إلى تحقيق التوازن بين النجاعة القضائية واحترام الحقوق الأساسية للأفراد. وركز على المستجدات المرتبطة بالإجراءات التحقيقية والضمانات القانونية، خاصة فيما يتعلق بآليات التوقيف والحبس الاحتياطي.
2. حماية الحقوق في ضوء المعايير الدولية:
قدمت الأستاذة فاطمة بركان، الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية السامية لحقوق الانسان، مداخلة حول مدى توافق التعديلات الجديدة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، مشددة على أهمية ملاءمة التشريعات المغربية مع المواثيق الدولية، خاصة تلك المتعلقة بحماية الحقوق أثناء التحقيق والمحاكمة.
3. ضمانات المحاكمة العادلة:
ركزت مداخلة الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، على الإشكاليات التي يواجهها الدفاع في المسطرة الجنائية، مطالباً بتعزيز حقوق المتهمين وضمان المحاكمة العادلة. كما أشار إلى ضرورة إعادة النظر في بعض المقتضيات التي قد تؤثر على استقلالية الدفاع وحقوق المتقاضين.
4. طرق الطعن في الأحكام والمساطر البديلة:
ناقش السيد عزيز رويبح، نقيب هيئة المحامين بالرباط، سبل تحسين طرق الطعن في الأحكام لضمان عدالة الإجراءات، مسلطاً الضوء على التحديات التي تواجه المحاكم في تدبير القضايا وفق القواعد الحالية. كما تناولت مداخلة عبد النعيم الزاوي، ممثل هيئة منظمة، موضوع العقوبات البديلة كأحد الحلول لتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية وتعزيز العدالة الإصلاحية.
وفي إطار الإصلاحات التشريعية ورغم الإجماع على ضرورة إصلاح المسطرة الجنائية، إلا أن النقاشات أبرزت عدة تحديات تعيق التنفيذ الفعلي لهذه التعديلات، منها:
• إشكاليات التوفيق بين مقتضيات القانون والممارسة العملية: حيث أشار بعض المشاركين إلى أن بعض التعديلات قد تظل حبيسة النصوص ما لم يتم توفير بيئة قانونية وإدارية ملائمة لتطبيقها.
• ضرورة تأهيل الجهاز القضائي: فنجاح هذه الإصلاحات يتطلب تكويناً مستمراً للقضاة، ووكلاء النيابة، والمحامين، لضمان فهم دقيق للضمانات والإجراءات الجديدة.
• التوازن بين الأمن القانوني والحقوق الفردية: إذ يثير مشروع القانون مخاوف بعض الفاعلين الحقوقيين من إمكانية تضييق بعض الضمانات تحت ذريعة النجاعة القضائية.
اختُتم اللقاء بجلسة نقاش مفتوح، شهدت طرح مجموعة من التوصيات، أبرزها:
• تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، خاصة فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي وضمانات الدفاع.
• ملاءمة المسطرة الجنائية مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب.
• تعزيز آليات الرقابة القضائية على الأجهزة الأمنية أثناء التحقيقات.
• توسيع اعتماد العقوبات البديلة لتقليل الاكتظاظ داخل السجون وضمان تحقيق العدالة الإصلاحية.
للإشارة، يأتي هذا اللقاء في سياق النقاش الوطني حول تطوير المنظومة القضائية بالمغرب، حيث يعكس مشروع تعديل المسطرة الجنائية توجهات الدولة نحو تحقيق عدالة أكثر نجاعة وإنصافاً. ومع ذلك، يظل نجاح هذا الإصلاح مرهوناً بمدى استيعابه لمتطلبات الواقع المغربي، واستجابته لتطلعات مختلف الفاعلين في المجال القضائي والحقوقي.