فيلم “الأطفال الحمر” في القاعات السينمائية المغربية: دراما تونسية مؤثرة عن العنف والكرامة والذاكرة الجماعية

استقبل عشاق السينما بالمغرب فيلم “الأطفال الحمر” للمخرج التونسي لطفي عاشور، الذي شرع في العرض ابتداءً من يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، بتوزيع من شركة “فيلم إيفنت كونسلتينغ”. الفيلم، الذي أثار اهتمام النقاد ونال جوائز عدة في مهرجانات سينمائية عالمية، يقدم سرداً بصرياً عميقاً لحدث مأساوي واقعي هز المجتمع التونسي، عبر عدسة إنسانية وجمالية تسائل الذاكرة والصدمة والكرامة.

وفي بلاغ لها توصل موقع المستقبل24 بنسخة منه، كشفت الجهة المنظمة أن “الأطفال الحمر” يرتكز على واقعة حقيقية وقعت في عام 2015، حين تعرض مراهقان تونسيان لهجوم أثناء رعي الأغنام في إحدى المناطق الجبلية النائية. قُتل نزار، البالغ من العمر 16 سنة، واضطر ابن عمه أشرف، 14 سنة، إلى العودة إلى أسرته حاملاً رأسه. بدلاً من إعادة تمثيل الوقائع، يختار لطفي عاشور الغوص في العوالم النفسية والوجدانية للناجين من المأساة، مقدماً رؤية شاعرية وصادمة من منظور الطفولة، تكشف عن أثر العنف المروع على الهوية الفردية والذاكرة الجماعية.

وأشار البلاغ إلى أن الفيلم صور في عمق المناطق الريفية التونسية، حيث تبرز جمالية المكان ببساطته وقسوته، عبر عدسة مدير التصوير البولندي الشهير فويتشيك ستارون، الذي أبدع في التقاط تفاصيل الأرض والوجوه والسكينة القلقة التي تسكن الفضاءات المهمشة. وبدعم من طاقم تمثيلي مكوّن من وجوه غير معروفة من أبناء المنطقة، يبني “الأطفال الحمر” عالماً سينمائياً ينبض بالواقعية، دون أن يتخلى عن الحلم والتأمل.

وأورد البلاغ أن الفيلم يندرج ضمن سينما الجسد والأرض والغياب، حيث يطرح أسئلة عميقة حول الحداد والكرامة وتمثيل العنف في وسائل الإعلام، دون الوقوع في الابتذال أو الاستغلال العاطفي. إنه عمل فني بليغ، ينتمي إلى السينما الملتزمة، التي تجمع بين الحس الإبداعي الرفيع والاهتمام بالذاكرة والعدالة الاجتماعية.

“الأطفال الحمر” ليس مجرد فيلم، بل تجربة إنسانية مؤثرة تضعنا أمام مسؤولية التذكّر، وتعيد فتح النقاش حول العنف المسكوت عنه في المجتمعات المهمشة. من خلال عرضه في القاعات السينمائية المغربية، يأمل صناعه أن يفتح نافذة للتأمل الجماعي في الماضي، ومساءلة الطريقة التي ننظر بها إلى مآسي الآخرين ومآسينا.