في إطار الرؤية الاستراتيجية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وحرصاً على تعزيز مكانة المغرب كمنصة إقليمية للبنية التحتية الحديثة، أكدت الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب مواصلة تنفيذ مشاريع استراتيجية ضخمة تندرج ضمن رؤية تنموية شاملة.
وفي ندوة صحافية نظمتها الشركة الوطنية للطرق السييارة بالمغرب في إطار زيارة ميدانية إلى مشروع الطريق السيار تيط مليل-برشيد، كشف عمر سيكال، نائب المدير العام للشركة، أن هذه المشاريع الطموحة، التي تتطلب استثماراً عمومياً إجمالياً يناهز 10.25 مليار درهم، تشمل عدداً من التدخلات الهيكلية التي تستجيب للطلب المتزايد على التنقل الحضري والربط بين جهات المملكة، مع إيلاء أهمية كبرى لتشجيع المقاولات المغربية والكفاءات الوطنية.
وأوضح سيكال أن شبكة الطرق السيارة بالمغرب شهدت تطورا لافتا خلال العقدين الأخيرين، حيث انتقلت من 400 كيلومتر سنة 1999 إلى حوالي 1800 كيلومتر اليوم، تغطي المدن الكبرى التي يتجاوز عدد سكانها 400.000 نسمة، كما تربط بين أهم المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، مما جعل المملكة تحتل المرتبة الثانية إفريقيا من حيث طول شبكة الطرق السيارة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الشركة الوطنية للطرق السيارة تسجل، ضمن هذا التوسع المستمر، تقدما كبيرا في إنجاز مشروع الطريق السيار الجديد تيط مليل – برشيد، بنسبة إنجاز بلغت 65%. ويمثل هذا المشروع أول طريق سيار مغربي يصمم منذ البداية بـ 2×3 مسارات، ويمتد على طول 30 كيلومترا ليربط الطريق السيار المداري للدار البيضاء بالطريق السيار الدار البيضاء – مراكش وبرشيد – بني ملال. وتبلغ كلفة هذا المشروع الحيوي 2.5 مليار درهم، ويهدف إلى تخفيف الضغط المروري على الدار البيضاء الكبرى، وتحسين مستوى الخدمة وجودة البنية التحتية.
ويشمل المشروع إنجاز بدالين (الأول على الطريق الجهوية 315 والثاني على الطريق الوطنية رقم 9)، وأربعة جسور، و24 منشأة لإعادة ربط الطرق المتقاطعة، بالإضافة إلى تسوية 6.1 مليون متر مكعب من الردم و1.7 مليون متر مكعب من الحفر، مع وضع 700 ألف طن من الإسفلت و92 ألف متر مكعب من الخرسانة، و72 كيلومترا من قنوات صرف المياه و91 ألف متر مكعب من أشغال التدعيم الصخري. وقد تم تقسيم الأشغال إلى أربعة مقاطع تنفذها شركات مغربية، وهي Mojazine، El Hallaoui SARL، BIOUI وGTR، وSEEG SARL، ما يعكس الثقة في قدرات المقاولات الوطنية.
وشدد سيكال على حرص الشركة على تطبيق تقنيات مبتكرة في الهندسة الجيولوجية لضمان الاستدامة، من بينها: معالجة التربة بالمواد الرابطة الهيدروليكية (LHR)، وتقنية تثبيت المنحدرات بالتسمير، والردم المعزز بدعائم خرسانية، ما يضمن توازناً بين الجودة والسلامة الطرقية.
وفي سياق مواكبة النمو المتسارع لجهة الدار البيضاء-سطات، افاد نائب المدير العام للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب أن الأخيرة تنجز مشروعين مهيكلين لتحسين التنقل الحضري: تحويل مفترقي عين حرودة وسيدي معروف. ففي مفترق عين حرودة، الذي يعتبر من بين أكثر مقاطع الطرق السيارة ارتياداً في المغرب (120 ألف عربة يومياً)، بلغت نسبة التقدم في الأشغال 40%. ويرتكز المشروع على إنشاء 12 منشأة فنية، وتوسعة المسالك إلى 8 مسارات في كل اتجاه، وبناء ملتقى طرقي علوي، وربط جديد بالطريق السيار المداري، بهدف الفصل بين تدفقات حركة السير وتخفيف الازدحام شمال العاصمة الاقتصادية. ويُنفذ المشروع بميزانية قدرها 750 مليون درهم بتمويل مشترك بين وزارة التجهيز والماء، وزارة الاقتصاد والمالية، مجلس جهة الدار البيضاء-سطات، والشركة الوطنية للطرق السيارة.
أما مفترق سيدي معروف، فيشهد أشغالا نوعية غير مسبوقة في المغرب، تتمثل في إنشاء تقاطع ثلاثي المستويات يجمع بين تصميمي “التوربين” و”النفل”، بما يضمن انسيابية السير ويعزز القدرة الاستيعابية عند المخرج الجنوبي للدار البيضاء. ويتضمن هذا المشروع توسيع الطريق السيار إلى 2×5 مسارات، وإنجاز 8 منشآت فنية، ومداخل جديدة، مع نسبة تقدم تناهز 40% في إطار جدول زمني يمتد لـ 22 شهراً، وميزانية قدرها 500 مليون درهم بتمويل مشترك بين نفس الشركاء.
وفي أفق الاستعداد لكأس العالم 2030، تطلق الشركة الوطنية للطرق السيارة مشروعا غير مسبوق يتمثل في بناء طريق سيار قاري جديد بين الرباط والدار البيضاء، يمتد على مسافة 59 كيلومتراً، بكلفة تناهز 6.5 مليار درهم. يهدف هذا المشروع إلى تخفيف الضغط عن الطريق السيار الحالي وتحسين الولوج إلى ملعب الدار البيضاء الكبير، أحد المرافق الرياضية الرئيسية للحدث العالمي المقبل. انطلقت الدراسات منذ 2019، وتم إطلاق طلبات العروض في دجنبر 2024، وتوجد حالياً في مراحل الإسناد النهائية، على أن تنتهي الأشغال سنة 2028.
وفي الختام، وتماشيا مع استراتيجية الدعم الممنهج للمقاولات المغربية، كشف سيكال أنه سيتم تنفيذ 75% من هذا الاستثمار من طرف شركات وطنية، بينما تسند 25% فقط لمقاولات أجنبية. ويسند الإشراف على هذه المشاريع المعقدة لفرع ADM Projet، التابع للشركة الوطنية للطرق السيارة، والذي يقدم خبراته في مجال تدبير البنيات التحتية الكبرى لضمان الجودة والسلامة في مختلف مراحل الإنجاز.
من خلال هذه المشاريع الكبرى، تؤكد الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب التزامها بمواصلة تطوير شبكة الطرق السيارة، بما يعزز الاندماج المجالي ويواكب النمو الاقتصادي والديمغرافي للبلاد، ويرسخ مكانة المغرب كوجهة متقدمة في مجال البنية التحتية المستدامة على مستوى القارة الإفريقية.