شهدت العاصمة الرباط يومي 13 و14 ماي 2025 تنظيم لقاء وطني تاريخي بمناسبة مرور قرن من ممارسة مهنة التوثيق بالمغرب (1925-2025). هذا اللقاء الذي نظمته هيئة الموثقين بالمغرب بتعاون مع وزارة العدل، حمل شعار “قرن من التوثيق… حبر يصون الحقوق، وختم يصنع الثقة في المستقبل”، بمشاركة أزيد من 850 موثقا مغربيا وأجنبيا وممثلين عن هيئات إقليمية ودولية.
وشكلت هذه التظاهرة الوطنية فرصة للاعتراف المستحق بمساهمة الموثقين في تعزيز الأمن القانوني والتعاقدي واستقرار المعاملات، إلى جانب إشادتهم بالدور الرئيسي الذي تقوم به المهنة في تقوية الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الاجتماعية. وتميز اللقاء بحضور شخصيات بارزة، منها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، وكاتب الدولة المكلف بالشغل هشام الصابري، وكاتب الدولة المكلف بالإسكان أديب بنبراهيم، إضافة إلى برلمانيين وقضاة ومحامين وأساتذة جامعيين، وشخصيات من داخل وخارج المغرب.
خلال الجلسة الافتتاحية، أبرزت المداخلات الدور المحوري لمهنة التوثيق في تأمين الحقوق وترسيخ الثقة، كما تم التأكيد على مساهمة الموثقين في الاقتصاد الوطني بإدارة ما يناهز 150 مليار درهم سنويا، إلى جانب مساهمتهم في الخزينة العامة للدولة بحوالي 10 ملايير درهم سنويا. وتطرق المشاركون إلى دور الموثقين في تحقيق استقرار المعاملات، حيث يتم تحرير أكثر من 450 ألف عقد موثق سنويا، ما يساهم في استقرار المجتمع وتحسين مناخ الأعمال بالمغرب.
تواصلت أشغال اللقاء الوطني عبر ثلاث جلسات موضوعاتية. تناولت الجلسة الأولى إكراهات مهنة التوثيق والحاجة لإصلاح الإطار القانوني الحالي، فيما ناقشت الجلسة الثانية التحديات اليومية التي تواجه الموثقين في ضوء العمل القضائي. أما الجلسة الثالثة، فقد سلطت الضوء على دور الموثقين في ترسيخ الأمن التعاقدي، مع تأكيد المتدخلين على ضرورة تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين، وفي مقدمتهم مؤسسة القضاء.
وفي سياق الإصلاح القانوني المنتظر، دعا الموثقون إلى مراجعة العقوبات التأديبية ومكافحة شبهات غسيل الأموال، مع إعادة تدقيق بعض المفاهيم وتوضيح مؤشرات الاشتباه المتعلقة بها. كما طالبوا بإسناد تدبير الودائع حصرا إلى الهيئة الوطنية للموثقين، مشددين على ضرورة تخليق المهنة وتعزيز الثقة فيها.
شهد اللقاء الوطني أيضا تكريم الرؤساء السابقين للمجلس الوطني للموثقين، تقديرا لما قدموه من جهود للارتقاء بالمهنة وضمان استقرارها. كما نظم على هامش اللقاء متحف تاريخي استعرض مراحل تطور مهنة التوثيق بالمغرب عبر قرن من الزمن، بمشاركة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخزينة العامة للمملكة.
وبهدف تعزيز التعاون الدولي، جرى التوقيع على بروتوكول تعاون وتبادل بين المجلس الوطني للموثقين بالمغرب والغرفة الوطنية للموثقين بالطوغو، يهم تطوير التقنيات الحديثة ومكافحة تزوير الوثائق وتدريب الموثقين.
يواصل المجلس الوطني للموثقين بالمغرب، بصفته ممثلا للمهنة أمام الإدارة، الاضطلاع بدور مركزي في تأمين الممارسة المهنية وفقا للقانون رقم 32.09، كما يسهر على الالتزام بأخلاقيات المهنة والتكوين المستمر للموثقين. ويعمل المجلس على ترسيخ الأمن القانوني والتعاقدي واستقرار المعاملات، بما يساهم في تعزيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال وتطوير التوثيق الرقمي في المملكة.
ويأتي هذا الحدث ليتوج قرنا من العمل الدؤوب لمهنة التوثيق، التي ظلت عنصرا أساسيا في بناء الثقة وصون الحقوق ودعم الاقتصاد الوطني في المغرب.