في سياق اهتمامها بالثقافة السينمائية، تستعد جمعية فنون وثقافة بمدينة الجبهة – إقليم شفشاون، بتعاون مع الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب وفي إطار شراكتها مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة، لتنظيم لقاء سينمائي مع المخرج إدريس شويكة، وذلك يوم السبت 21 يونيو 2025 على الساعة الخامسة والنصف مساء بالمركز الثقافي بالجبهة.
وفي بلاغ لها توصل موقع المستقبل24 بنسخة منه، كشفت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب أنه يرتقب خلال هذا الموعد الفني عرض ومناقشة الفيلم التلفزيوني “الطيور على أشكالها تقع”، بحضور مخرج الفيلم، في التفاتة وفاء لروح الفنان الراحل محمد بسطاوي، الذي كان لهذا العمل أثر حاسم في مسيرته الفنية.
وذكر البلاغ أن فيلم “الطيور على أشكالها تقع”، الذي أنجز سنة 2005 من إنتاج القناة الثانية، لا يعد فقط عملا دراميا ناجحا، بل يمثل أيضا لحظة تحول فني حاسمة في مسار بسطاوي، حيث جسد من خلاله شخصية مركبة لُفَّت بظلال من القلق النفسي والتوجس الاجتماعي، وقدم أداء استثنائيا كشف عن عمق موهبته وقدرته النادرة على التقمص والصدق التمثيلي. فقد أبدع في أداء دور موظف عمومي يعيش حالة من التشاؤم والعزلة بسبب عقد نفسية دفينة، قبل أن يجد خلاصه في علاقة إنسانية تمنحه الأمل وتفتح له أفقا جديدا. هذا الدور، الذي أضفى عليه بسطاوي نبرة صادقة تمزج بين المرارة والفكاهة، نظر إليه لاحقا كأحد أفضل أدواره على الإطلاق، وكمرآة حقيقية لطاقته التعبيرية المتفردة.
اختيار هذا الفيلم بالتحديد للعرض والنقاش، يقول البلاغ، ليس مجرد صدفة زمنية، بل هو وفاء لذاكرة فنية ما تزال حية في الوجدان المغربي. إدريس شويكة، الذي قاد إخراج العمل، وضع فيه بصمته الإبداعية من خلال توجيه فني يستند إلى واقعية سردية مشوبة برمزية دقيقة، في معالجة إنسانية تجنبت المباشرة، واحتكمت إلى حس مرهف بالتفاصيل والطباع والسياقات. ولعل هذا ما يجعل “الطيور على أشكالها تقع” مرجعاً في تجربة شويكة، ودليلا على تعاونه المتناغم مع بسطاوي في أكثر من محطة، من بينها فيلم “علام الخيل”، حيث جمعتهما رؤى مشتركة لقيمة الصورة وللرسالة الفنية.
ومع توالي السنوات، لا يزال هذا الفيلم يحتفظ براهنيته، ويقرأ اليوم كشهادة حية على عظمة فنان غادرنا جسدا، وبقي بيننا روحا وإبداعا لا يذبل. إنه عمل أنجز بإحساس، وختم بعبق الأداء، يظل إهداء صادقا إلى روح فنان أحب الحياة فوق الخشبة وأمام الكاميرا، وعاشها بكثير من الكرامة والقوة الداخلية. فكل عرض جديد له هو بمثابة دعوة لإعادة اكتشاف بسطاوي، ولتجديد الحوار مع فنه، ومع قضايا الإنسان التي ظل وفيا لها .