احتضنت مدينة الدار البيضاء، يوم أمس الثلاثاء 8 يوليوز 2025، فعاليات الدورة السادسة من “يوم المستهلك المغربي”، الذي تنظمه مجلة “كونسو نيوز”، تحت شعار: “التجارة الإلكترونية والمعطيات الشخصية: أي حماية للمستهلك المتصل؟”، حيث شكل هذا الحدث مناسبة لتسليط الضوء على رهانات الأمن الرقمي في ظل التوسع المتسارع للتجارة عبر الإنترنت، وفتح نقاش مؤسساتي بمشاركة خبراء وممثلي هيئات رسمية وجمعيات حقوقية وشركات وفاعلين من المجتمع المدني.
وقد شكل اللقاء فرصة لتقييم مدى التقدم المحرز في تأطير التجارة الرقمية، ورفع الوعي بالتحديات المرتبطة بحماية المستهلك المغربي في الفضاء الرقمي. وفي كلمته الافتتاحية، أكد نبيل التوفيق، مؤسس الحدث، أن اختيار موضوع هذه الدورة جاء انسجاما مع التحولات العميقة التي تعرفها أنماط الاستهلاك، مشددا على أهمية تمكين المستهلك من أدوات الحماية القانونية والتقنية، في زمن باتت فيه المعاملات الشرائية والدفع تتم عبر وسائط رقمية. واعتبر أن حماية المعطيات الشخصية لم تعد ترفا، بل أصبحت من صلب النقاش العمومي، لما تشكله من خط دفاع أساسي ضد مختلف أشكال الاحتيال والانتهاك الإلكتروني.
هذا، وتضمنت أشغال اليوم جلستين رئيسيتين، تمحورت الأولى حول الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم التجارة الإلكترونية في المغرب، بمشاركة ممثلين عن وزارة الصناعة والتجارة، وجمعيات حماية المستهلك، وخبراء قانونيين، حيث تمت مناقشة مقتضيات القانون رقم 09-08، وأوجه التقاطع مع اللائحة العامة لحماية المعطيات الشخصية (RGPD)، إلى جانب مسؤوليات المنصات الرقمية والتجار الإلكترونيين، وآليات التصدي للجريمة السيبرانية، والدور المتنامي للمجتمع المدني في الدفاع عن حقوق المستهلك الرقمي.
أما الجلسة الثانية، فقد استعرضت تجارب عملية لشركات مغربية رائدة في مجال أمن البيانات، حيث تم تقديم حلول تكنولوجية مثل تقنيات التشفير، وسلاسل الكتل (البلوك تشين)، ونظم المصادقة متعددة المستويات، إلى جانب سياسات الالتزام بالمعايير القانونية، وضمان الشفافية وحماية خصوصية المستهلك. كما تطرق المشاركون إلى الصعوبات الميدانية والانتظارات المتزايدة للمستهلكين في مواجهة تطور التهديدات الرقمية.
ووفق معطيات تم الكشف عنها خلال الجلسة الصباحية، فقد شهدت شكاوى المستهلكين المتصلة بالأنشطة الرقمية ارتفاعا سنويا بنسبة 30%، أكثر من 60% منها تتعلق بفاعلين غير مهيكلين. كما أظهرت الأرقام أن ما بين 60% و80% من المعاملات الإلكترونية تتم عبر الدفع نقدا عند التسليم، و70% منها تنجز بواسطة الهواتف المحمولة، بينما يعيش نحو 45% من السكان في مناطق قروية وشبه حضرية تفتقر إلى البنيات التحتية الملائمة للولوج الرقمي الآمن، مما يعمق التحديات المرتبطة بالحماية السيبرانية.
وشكل اللقاء مناسبة لتجديد التأكيد على التزام المغرب بتطوير منظومة رقمية أكثر أمانا، من خلال جهود منسقة تقودها وزارة الصناعة والتجارة بشراكة مع مختلف الأطراف المعنية، بهدف تعزيز ثقة المواطن في الاقتصاد الرقمي، وضمان تمكينه من الولوج إلى خدمات إلكترونية موثوقة وآمنة. واختتمت الدورة بدعوة جماعية إلى جعل المستهلك المغربي المتصل فاعلا رئيسيا في التحول الرقمي، يتمتع بالحماية والوعي والمواكبة القانونية والتقنية.