نظمت جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2025، لقاء أكاديميا مع الكاتبة والناقدة المغربية لطيفة لبصير، احتفاء بتتويجها بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن عملها الإبداعي “طيف سبيبة”. وجاء هذا اللقاء في إطار تكوين الدكتوراه في الدراسات الأدبية واللسانية والثقافية، بشراكة مع مختبر السرد والأشكال الثقافية، وماستر السرد والثقافة بالمغرب.
شهد اللقاء، الذي احتضنته قاعة الندوات بقطب الدراسات في الدكتوراه، حضور عدد من الأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين، إلى جانب شخصيات أكاديمية معروفة، من بينهم الدكتور عبد الرحمان غانمي، مدير مختبر السرد، والدكتور محسن إدالي، مدير قطب الدراسات في الدكتوراه.
في كلمته الافتتاحية، اعتبر محسن إدالي أن هذا التكريم يدخل في صلب الدور الذي تضطلع به الجامعة المغربية في رعاية الفكر والإبداع الحر، مؤكداً أن لطيفة لبصير تمثل نموذجاً للأديبة التي تجمع بين الحس النقدي العميق والجرأة في تناول القضايا الثقافية والاجتماعية.
من جهته، أبرز الدكتور عبد الرحمان غانمي أن هذا اللقاء مع لطيفة لبصير كان مبرمجاً منذ أكثر من سنة، لكنه اتخذ بُعداً خاصاً بعد تتويجها بجائزة الشيخ زايد للكتاب بالإمارات، معتبراً أن حضورها العربي والدولي يمثل إضافة نوعية للثقافة المغربية. كما أشار إلى أن لبصير من الأصوات الأدبية البارزة في المغرب، خصوصاً في مجال السرد، إذ تجمع في كتاباتها بين تعدد التخصصات والاشتغال على قضايا دقيقة، مثل مسألة التوحد، التي نادراً ما يتم تناولها في الأدب المغربي.
خلال هذا اللقاء، تحدثت لطيفة لبصير عن تجربتها في كتابة “طيف سبيبة”، معتبرة أن الأدب قادر على ملامسة الواقع من زوايا متعددة، وأن الكتابة عن الطفل المصاب بالتوحد كانت بالنسبة لها تجربة إنسانية عميقة. وأوضحت أن النص كان موجهاً لليافعين، لكنه لقي تفاعلاً واسعاً من القراء الكبار أيضاً، مشيرة إلى أن الرواية طرحت تساؤلات حول الاختلاف والتنوع في المجتمع.
وأشارت لبصير إلى أن الأدب لا يعرف حدوداً بين الأنواع، فهو قادر على احتضان قضايا طبية واجتماعية وإنسانية كبرى، موضحة أن رواية “طيف سبيبة” كشفت عن تفاصيل دقيقة في حياة الأطفال المصابين بالتوحد، مستندة إلى معايشة واقعية وتجربة شخصية.
من جانبها، أكدت الباحثة بشرى مذكوري أن الرواية حققت صدى كبيراً لدى القراء والباحثين، حتى أصبحت معتمدة كمتن بحثي في دراسات متعددة اللغات، فيما أبرزت الباحثة شيماء الزيتوني أهمية هذا اللقاء في ترسيخ ثقافة البحث العلمي وتعزيز قيم الحوار الأكاديمي.
اللقاء عرف أيضاً تقديم قراءات نقدية متعددة للعمل الأدبي “طيف سبيبة”. في هذا السياق، اعتبرت الباحثة لبنى نوسي أن الرواية تطرح بجرأة قضايا التمثيل المجتمعي للطفل المختلف، فيما رأت الباحثة منال الدغوغي أن الرواية كسرت جدار الصمت حول اضطراب التوحد، عبر شخصية الطفلة هبة التي تسرد القصة.
أما الباحث الحسين أولمداني، فقد أشار إلى أن الرواية تخلق جسراً بين الأجيال، موضحاً أنه شارك في قراءتها مع ابنته ذات السبع سنوات، واعتبر أنها موجهة لكل الفئات العمرية، بفضل لغتها السهلة وتقنياتها السردية الذكية.
الباحث صديق السملالي بدوره تطرق إلى كيف يمكن للأدب أن يساهم في تغيير الصورة النمطية عن التوحد، مبرزاً أن “طيف سبيبة” وفرت فرصة لقراءة مرنة للاضطراب، بعيدة عن التوصيف الطبي الصارم.