اختتمت بمدينة فاس، يومي 12 و13 غشت 2025، أشغال الدورة الخامسة للمؤتمر العالمي للتصوف، المنظم بقاعة الندوات الكبرى للمجلس البلدي تحت شعار “منهج التزكية: بناء للإنسان وحماية للأوطان”، من قبل المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية.
وقد شكل المؤتمر منصة عالمية جمعت أكثر من 400 مشارك من نحو 30 دولة من إفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكتين، من بينهم مشايخ وعلماء وأكاديميون بارزون، لمناقشة الدور الريادي للتصوف المغربي في ترسيخ قيم الإسلام المعتدل وتعزيز الأمن الروحي، باعتباره حصناً فكرياً في مواجهة التطرف، وأداة لبناء الإنسان وحماية الأوطان.
وعلى مدار يومين، شهد المؤتمر جلسات علمية تناولت مواضيع محورية مثل “التصوف وتوطيد قيم المواطنة الفاعلة”، و”التصوف والكفاح من أجل تزكية النفس”، و”التوازن بين المادي والروحي”، و”التصوف في ضوء التحليل النفسي السريري”، إلى جانب نقاشات حول “التصوف والتنمية الحضارية”، و”التصوف النسائي المغربي”، ودور الزوايا في التنمية السوسيو-اقتصادية، ودور إمارة المؤمنين في صون الأمن الروحي، ونشر ثقافة السلام العالمي.
وأسفرت مداولات المؤتمر عن توصيات مهمة أبرزها: الدعوة إلى السلام العالمي من خلال التعريف بحقيقة الإسلام القائم على منهج التزكية، وتأسيس اتحاد عالمي لأهل التربية والسلوك يضم الطرق والأكاديميات الصوفية، واعتماد منهج التزكية في المقررات الدراسية للأجيال المقبلة، مع التأكيد على دوره في حماية الأوطان والرقي بالأمة، وتجديد مناهج التربية الروحية بما يتلاءم مع تحديات العصر، إضافة إلى إصلاح المنهج الصوفي وتنقيته من البدع والانحرافات ليكون مرجعاً موحداً.
كما شهد الحفل الختامي تكريم شخصيات صوفية مغربية ودولية بارزة، ورفع برقية ولاء وإخلاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، راعي التصوف في المغرب وداعم السلم والسلام. وفي كلمته بالمناسبة، أكد الدكتور عزيز الكبيطي الإدريسي الحسني، رئيس المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية ورئيس المؤتمر، أن اختيار شعار هذه الدورة يعكس جوهر التصوف المغربي الذي يهدف إلى تخليق الإنسان من الداخل ليكون فاعلاً ومنتجاً ومتوازناً روحياً ومادياً، بما يسهم في بناء الوطن وخدمة الإنسانية.
وأشار فضيلة الشيخ إلى أن الحضور الدولي الوازن يعكس أهمية المؤتمر في زمن يسوده التوتر والصراعات، حيث تتجلى الحاجة الملحّة إلى خطاب صوفي يقوم على السلم والمحبة والأخلاق الإسلامية السمحة. كما أبرز الدور المحوري للمرأة في الحضارة الإسلامية وفي التصوف عبر التاريخ، مؤكداً أن المغرب يزخر بنماذج نسائية رائدة تساهم في إنتاج المعرفة ونشر ثقافة السلام، وأن الأم، باعتبارها مدرسة الأجيال، لها نصيب وافر في بناء المجتمعات على أسس روحانية وأخلاقية متينة.