احتضنت العاصمة الرباط، يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025، المحطة الثالثة من القافلة الجهوية لـ «بورتنيت» تحت شعار «رقمنة التجارة الخارجية، رافعة لتطوير الاستثمار وريادة الأعمال». وجمعت هذه المبادرة، التي نظمت بشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط–سلا–القنيطرة والمركز الجهوي للاستثمار والوفد الإقليمي للتجارة والصناعة، عددا من صناع القرار والفاعلين الاقتصاديين والخبراء، بهدف تعزيز مكانة الرقمنة في صلب تنافسية التجارة الخارجية للمغرب.
وأكد المتدخلون خلال هذا اللقاء، الذي جاء في سياق التحولات العالمية المتسارعة وإعادة تشكيل سلاسل القيمة، أن الرقمنة لم تعد خيارا، بل ضرورة لضمان البقاء الاقتصادي. وتم التشديد على أهمية تبسيط المساطر، وتسهيل المبادلات، وتعزيز جاذبية المقاولات المغربية على المستوى الدولي.
وفي كلمته الافتتاحية، أبرز حسن صاخي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط–سلا–القنيطرة، أن القافلة تهدف إلى مواكبة مهنيي التجارة الخارجية في انتقالهم الرقمي، مشددا على أن الرقمنة أضحت اليوم أداة أساسية لتبسيط وتأمين الإجراءات.
وشكلت منصة «بورتنيت» محور هذه الدينامية، بصفتها الشباك الوحيد للتجارة الخارجية، حيث تسعى إلى إعادة تشكيل الممارسات، وتقليص الآجال، وتعزيز الشفافية في المعاملات. وأوضح يوسف أحوزي، المدير العام لبورتنيت، أن مهمة المنصة تتمثل في تقوية القدرات التنافسية للمقاولات المغربية وخلق منظومة رقمية مبتكرة وشاملة ومستدامة، مؤكدا أن الحوار المباشر مع المهنيين يتيح فهم احتياجاتهم وبناء حلول عملية تستجيب لمتطلبات الأسواق العالمية.
وشهد اللقاء أيضا مشاركة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي استعرضت تقدمها في مسار التحول الرقمي، حيث أكد بشير فاضل، المدير الجهوي للجمارك بجهة الرباط–سلا–القنيطرة، أن الرقمنة تعد من أولويات الإدارة لتحسين جودة الخدمات وتقريب المؤسسة من المتعاملين الاقتصاديين. وقدم في هذا السياق منصتي BADR وDIWANATI اللتين تتيحان للمقاولات المغربية والأجنبية مجموعة من الخدمات الإلكترونية والمعلومات المحدثة.
ومن جانبه، ركز محسن بنجلون، مدير المركز الجهوي للاستثمار بجهة الرباط–سلا–القنيطرة، على أهمية المواكبة الشاملة للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، مبرزا دور «دار المستثمر» كفضاء متكامل يقدم التوجيه والمساعدة والمتابعة على طول المسار المقاولاتي.
وتميزت أشغال اللقاء بتوقيع اتفاقية شراكة بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات وبورتنيت، في خطوة تعكس إرادة مشتركة لتعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص. كما تم عرض فيلم وثائقي أبرز الإمكانات الاقتصادية الكبيرة لجهة الرباط–سلا–القنيطرة، تلاه تنظيم ورشة عملية حول الحلول الرقمية وجلسة تفاعلية ناقشت التحديات والفرص المرتبطة برقمنة التجارة الخارجية.
وقدمت الجمعية المغربية للمصدرين (ASMEX)، خلال الندوة، عرضا حول المؤهلات التصديرية المتنوعة والغنية للجهة، التي تميزها حيوية صناعية ذات قيمة مضافة عالية. كما أبرزت الجمعية الحلول المخصصة لمواكبة المصدرين وتعزيز حضورهم الدولي، مع الإشارة إلى الإكراهات المتبقية في مجالات اللوجستيك والتمويل والمساطر، مؤكدة التزامها بالعمل مع شركائها لتجاوز هذه التحديات وتوسيع آفاق التصدير نحو الأسواق العالمية.
وتواصل جهة الرباط–سلا–القنيطرة ترسيخ مكانتها كقطب اقتصادي استراتيجي بفضل نسيجها الصناعي المتنوع، وكفاءاتها الشابة، وبنياتها التحتية الحديثة. وتعد الجهة ثاني مساهم في الناتج الداخلي الخام الوطني، وثالث قطب صناعي على الصعيد الوطني، إذ تتوفر على أزيد من 1000 هكتار من المناطق الصناعية، من بينها أربع مناطق تسريع صناعي، ما يجعلها محركاً رئيسياً للاستثمار والابتكار.
ويعكس هذا الحدث طموحا وطنيا واضحا لجعل الرقمنة ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية للمغرب، باعتبارها تحولا عميقا في المنظومة التجارية يسهم في تعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات وتقريب المقاولات المغربية من المعايير الدولية.