أخبار عاجلة

مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير: نقاد ومخرجون يناقشون أسئلة الرؤية السينمائية ويحذرون من “اقتصاد الانتباه” ويشددون على ضرورة المشاهدة

في محطة فكرية هامة ضمن فعاليات الدورة الـ 25 لمهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير، احتضنت “دار الشباب” بعد زوال اليوم الأحد 09 نونبر 2025 ندوة فكرية تحت عنوان “النادي السينمائي مدرسة الرؤية”، وهو الشعار المركزي للدورة.وقد جمعت الندوة نخبة من قامات السينما المغربية والنقد، ويتعلق الأمر بالناقدين محمد باكريم ومحمد صولة، والمخرج محمد الشريف الطريبق، بتسيير من الناقد السينمائي محمد الخيتر. وقد تحول اللقاء إلى منصة لتعميق النقاش حول دور النادي السينمائي في تشكيل وعي المتفرج وتحديات الصناعة اليوم.

​افتتح النقاش بالتأكيد على القيمة الجوهرية للفيلم القصير، حيث أشار الناقد محمد باكريم إلى أن هذا النوع “ليس سينما الهامش”، مستدلا على ذلك بوجود مخرجين كبار ومعروفين قاموا بإخراج أفلام قصيرة في مسيرتهم. ورأى باكريم أن المركز السينمائي (النادي السينمائي) هو نادي للتكوين الذاتي، يساهم في التربية الذاتية وفي أن يكون “مدرسة للمواطنة” في آن واحد. من منظور سينفيلي، يرى باكريم أننا أصبحنا “رهائن لمنظومة صناعة الفرجة العالمية” التي تفرض نوعا من النمذجة وتحدد الخطاب والنموذج الذي يوجه ما نشاهده، مشيرا إلى أن “الاقتصاد النادر اليوم هو الانتباه”، وبالتالي فجوهر الصراع يكمن في كيفية “الالتزام والهيمنة على الانتباه”. كما توقف عند التجربة المغربية التي لم تفرز بعد عددا كافيا من السينمائيين المتمرسين مقارنة بتجارب عربية أخرى مثل التجربة التونسية، التي جعلت من الثقافة البصرية جزءا من التكوين العام للمبدع.
​من جانبه، شدد المخرج والناقد محمد الشريف الطريبق على مفهوم “السينفيلي” (عاشق السينما)، الذي عرفه بأنه “الإنسان الذي يتفرج كثيرا أو الذي يتفرج ويحاول أن يربط بين الأفلام”، مؤكدا أن الفرجة ذات معنى وليست استهلاكية. وقدم الطريبق عودة تاريخية لأهمية الأندية السينمائية التي توفر أفلاما مختلفة تماما عن تلك التي تعرضها القاعات السينمائية. وتطرق إلى أن دور المخرج كصاحب قرار أساسي في الفيلم قد انتقل اليوم إلى المنتج، مشيرا إلى صعوبة الحصول على الدعم، مما يجعل من الصعب على المخرج إنتاج فيلم آخر، وذلك في ظل هيمنة أفلام الاستوديوهات الكبرى والاعتماد على تدوير وإعادة إنتاج الأفكار السينمائية القديمة. وتساءل الطريبق عن مدى توفر النادي السينمائي (سيني كلوب) في الوقت الراهن. وفي سياق آخر، لفت الانتباه إلى الفرق بين مشاهدة الفيلم في القاعة السينمائية ومشاهدته على الهاتف او الحاسوب، قائلا إن “من يتفرج في الهاتف او الحاسوب هو تفرج فقط في الحكاية وليس الفيلم”، كون المجهود المبذول في الصورة والميكساج وغيرها لا يمكن إدراكه إلا في القاعات السينمائية الكبرى.
​أما الدكتور محمد صولة، فتناول في مداخلته العلاقة بين النادي السينمائي ومدرسة الرؤية التي تطرح مجموعة من الإشكالات التي لا يمكن الاستهانة بها. وأشار صولة إلى أن الأغلبية تعرف كيف كانت السينما مهمشة في الجامعة وحتى في المدرسة العمومية، وأن القراءة الفيلمية لم تكن مفتوحة على نفسها في البداية، مؤكداً أن “أفضل مدرسة للسينما هي السينما”. واعتبر أن النادي السينمائي هو مدرسة الرؤية، وأن “الرؤية أعمق من النظر”، حيث تعود هذه الرؤية في السياق السينمائي إلى المخرج، وأن المقصود بها هو وجهة النظر السينمائية. وأكد الدكتور صولة على اهتمامه بالجانب الجمالي في الفيلم، متسائلاً في ختام حديثه عن الصورة السينمائية وعما إذا كانت هناك رؤية موحدة اليوم.

وشهد النقاش المفتوح تفاعلا لافتا من طرف الحضور، حيث دعت مختلف التدخلات إلى ضرورة إعادة إحياء وتفعيل الأندية السينمائية في المغرب، خاصة في ظل التراجع الواضح لعدد القاعات السينمائية مقابل الانتشار المتسارع للمنصات الرقمية. ورأى المتدخلون أن هذا التحول يجعل الحاجة ملحة إلى خلق فضاءات دائمة للحوار والنقاش وتكوين الذائقة البصرية لدى الجمهور، بما يعيد الاعتبار لثقافة المشاهدة الجماعية والنقد الواعي. كما أجمعت المداخلات على أهمية تعزيز دور السينما المغربية، ولاسيما الفيلم القصير، بوصفه أداة فنية قادرة على التعبير عن قضايا المجتمع وتوسيع آفاق الوعي الجمالي والفكري لدى الأجيال الصاعدة.

شاهد أيضاً

أكاديمية المملكة المغربية تصدر كتاب “التعايش في الأندلس” وتعيد إحياء روح الحوار الثقافي والتاريخ المشترك

أعلنت أكاديمية المملكة المغربية عن إصدار مؤلَّف جديد بعنوان “التعايش في الأندلس”، يضم أعمال الندوة …