تشهد صناعة الأزياء حول العالم تحديا بيئيا متصاعدا، مع تزايد الوعي بخطورة استهلاك كميات ضخمة من المياه خلال عمليات الإنتاج. وفي المغرب، الذي يعد قطاع النسيج فيه من أبرز ركائز الاقتصاد، تكتسب هذه الإشكالية أهمية خاصة نظرا لندرة الموارد المائية.
كشفت دراسات أن إنتاج سروال جينز واحد يتطلب ما يقارب 4 آلاف لتر من الماء، أي ما يعادل 50 حوض استحمام ممتلئ. وتتفاقم الأزمة عندما نعلم أن قطاع النسيج عالميا مسؤول عن نحو 20% من تلوث المياه النظيفة، في حين يعاد تدوير أقل من 1% من الملابس المستعملة.
لحسن الحظ، بدأت التكنولوجيا الحديثة في تقديم حلول مبتكرة تساعد في خفض هذه الأرقام المقلقة. من بين هذه الحلول، تبرز الطباعة الرقمية للأقمشة، مثل تقنية Epson Monna Lisa ML-13000 التي تستخدم أحبارا صديقة للبيئة وتقلل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 97% مقارنة بالطرق التقليدية. هذا النوع من الطباعة الرقمية يتيح أيضا إنتاجا مرنا ومخصصا حسب الطلب، ما يقلل من فائض التصنيع ويواكب احتياجات السوق بدقة.
تتجاوز الابتكارات البيئية حدود الطباعة لتصل إلى إعادة التدوير، حيث طورت شركة إبسون تقنية Dry Fiber Technology. هذه التكنولوجيا قادرة على تحويل الملابس البالية وقصاصات القماش إلى ألياف خام تستخدم مجددا في صناعة أقمشة غير منسوجة، مما يساهم في خفض الاعتماد على المواد الخام ويعزز الاقتصاد الدائري في قطاع الموضة.
في تجربة فنية رائدة، استخدم المصمم الياباني يوما ناكازاتو هذه الأقمشة المعاد تدويرها في مجموعة أزيائه الراقية المعروضة في أسبوع الموضة بباريس، ما يعكس كيف يمكن للجمال والابتكار الالتقاء مع حماية البيئة.
ويشير ريدا جاي حكيمي، المسؤول التجاري والصناعي لمنطقة إفريقيا الفرنكوفونية في إبسون، إلى أن هذه الحلول التكنولوجية تمثل فرصة حقيقية للقطاع في المغرب للانتقال نحو صناعة أزياء مستدامة وصديقة للبيئة.
تثبت هذه التطورات أن الطريق نحو موضة أكثر خضرة يتطلب تبني مبدأ “الابتكار والتأثير الصفري”، ما يسهم في تقليل استهلاك المياه والحد من التلوث، ويعزز مكانة المغرب كمحور لصناعة الموضة المستدامة في المنطقة.