جبل العلم: كادم بوطيب
سيرا على العادة الحميدة لأمير المؤمنين في العناية بالأولياء الصالحين وحفدتهم، تم يوم أمس الأحد 21 أبريل الجاري بضريح مولاي عبد السلام بن امشيش دفين جبل العلم، تسليم هبة ملكية للشرفاء العلميين بمناسبة اليوم الـ15 من شهر شعبان. وجرى تسليم هذه الهبة الملكية خلال حفل ديني كبير حضره بالخصوص وفد من الحجابة الملكية ترأسه محمد سعد الدين سميج، وعامل إقليم العرائش بوعاصم، وعبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين، ونبيل بركة مدير المنتدى المشيشي الشادلي، وأعضاء المجلس العلمي المحلي، وممثلو السلطات المحلية وعدة شخصيات مدنية وعسكرية.
وفي هذا اليوم الممطر، حج إلى ضريح مولاي عبد السلام بن امشيش آلاف الزوار لإحياء هذا الموسم السنوي والموروث الديني، ويستمر هذا التقليد السنوي الذي دأب شرفاء مولاي عبد السلام بن امشيش على إحيائه من ثلاثة أيام إلى أسبوع.
وجاء تقليد الاحتفال به في إطار حدث ديني، أو ما يسمى “النسخة” التي تصادف 15 شعبان، إذ يحتفل المغاربة بيوم صيامهم. في القديم حيث كان الناس “يصبغون” منازلهم بالأبيض، ويطبخون الأكل ويعجنون خبزا من أجل استقبال الوفود التي تحج إلى الموسم مجانا، فتجد أناسا من أقصى الشمال يربطون علاقة صداقة بأناس من أقصى الجنوب، بفضل هذا الموسم.
ويقول نبيل بركة، مدير المنتدى المشيشي الشادلي وأحد أبناء الشرفاء العلميين، “الأبواب كانت مفتوحة وشعارها ادخل مرحبا بك أنت وعائلتك”، مؤكدا أن الموسم يحاول تأكيد قيم التضامن والتعاون التي كانت تسود قديما.
ومن نوستالجيا الزمن الأصيل، يضيف نبيل بركة، الذي ينظم كل وقت وحين حلقات تجمع الفقهاء والأئمة لتلاوة القرآن على ضوء الشموع قبل أن تصل الإنارة العمومية للمنطقة: ” تصور مساحة تضم 1000 شخص يرتلون القرآن والأمداح النبوية وسط الشموع وفي جو من الخشوع والتعبد في هذا القطب الرباني”.
وسيرا على النهج القويم للشرفاء العلميين في إحياء موروثهم الروحي بجدهم الشريف قطب التصوف السني ببلاد المغرب المولى عبد السلام بن مشيش، وهي سنة حميدة ابتدأت مع الشيخ الراحل عبد الله الغزواني، على حسب بعض الروايات التي تروي أن الشيخ كان يقصد قبر القطب الأكبر المولى عبد السلام ابن مشيش في النصف من شعبان من كل سنة وكان يجتمع مع بعض العارفين في هذا الوقت المبارك، وهو ما دأب عليه السادة الشرفاء في كل فترة من العام. إحياء لذكرى المولى عبد السلام بن مشيش، الذي أضاء نوره بلاد المشرق والمغرب علما وأخلاقا وتشبثا بالشريعة والسنة النبوية الشريفة ليصبح منارة وقبلة لمريدي الزوايا الصوفية السائرة على النهج السويم الذي ارتضاه أهل الحل والعقد بالتمسك بالعقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف الجنيدي، وهي هوية امتاز بها شرفاء المغرب عن غيرهم، هوية منفتحة على العالم تزرع فيه الخير والسلم والصلاح والوئام، وهذا نجده واضحا في دستور المملكة المغربية، الذي نص على انخراط المملكة بكل ما لديها من إمكانات في تعزيز السلم والأمن في العالم، ولا شك أن من أهم ما تزخر به هذه المملكة رأسمالها اللامادي الذي صنع السلام في جنوب الصحراء وفي أدغال افريقيا وفي بلاد ما وراء النهر، وهو جهد يشهد به الجميع للمملكة ولا ينكره الا جاحد معاند. وذلك بفضل الحكمة الرشيدة التي ارتضاها الملك محمد السادس.