أكد محمد بنعليلو، وسيط المملكة، أن انخراط مؤسسة الوسيط في مشروع ” لنعش جميعا بدون تمييز”، يترجم إيمانها العميق بمبدأ المساواة ومحاربة التمييز بكل أشكاله كمبدأ موجه لمجموع المبادئ والقيم التي تؤطر عملها اليومي في تعاطيها مع مختلف قضايا الارتفاق العمومي ومتطلبات الشفافية والحكامة الجيدة ومبادئ العدل والانصاف.
وفي كلمته الافتتاحية، خلال لقاء تفاعلي حول “الإعلام وثقافة الوساطة وتعزيز التعايش دون تمييز”، نظمته مؤسسة وسيط المملكة بالتعاون مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، مساء اليوم الخميس 21 أبريل الجاري بمقر المؤسسة بالرباط، شدد بنعليلو، على أن كسب رهان التفاعل الإيجابي مع ما يعرفه المحيط العام، يحتم بناء علاقات شراكة وتعاون تجيب على كل الانشغالات الجماعية، وتمأسس، في نفس الوقت، لثقافة إعلامية داعمة للتغيير المجتمعي.
واعتبر وسيط المملكة هذا اللقاء، الذي وصفه بالأول من نوعه في المؤسسة، ورشا للتفكير الجماعي في كيفية العمل المشترك لمناهضة التمييز الارتفاقي والدفاع عن المساواة والابتعاد عن كل الأشكال التمييزية، وقال: “لقاء نريده أن يعزز أكثر مبادرة التعاون بين المؤسسة، والجسم الصحفي، لنجعل منه تعاونا فعالا ومتفاعلا، بشكل يتيح تقوية وتناسق تدخلاتنا في تقاطعاتها المختلفة، ويضمن تنوعها، بالرغم من اختلاف الزوايا التي ننظر من خلالها لفلسفة الدفاع عن الحقوق في مختلف تجلياتها وأبعادها، كل ذلك طبعا، في إطار فضاء حقوقي يتسع لاشتغال كل منا رغم اختلاف الأولويات والمداخل وآليات التدخل المتاحة له”.
وكشف بنعليلو عن قناعته بأهمية الدور الذي تلعبه هذه المؤسسة في مجال دعم قيم المساواة والإنصاف ومناهضة التمييز داخل الفضاء العمومي، إذا ما تم التعامل مع مخرجاتها على أنها مراجع موثوقة لأنواع الأعطاب التي تشكو منها الإدارة ولصور وأنماط السلوك الماس بهذه المبادئ داخلها.
وأشار بنعليلو إلى أن الرهان معقود على كل أعضاء الجسم الصحفي من أجل الاشتغال على الجوانب المتعددة في خلاصات تقارير المؤسسة، والتجاوب مع تدخلاتها وتوصياتها، وخلاصات قراءاتها للواقع الارتفاقي، من منطلق قناعة راسخة، مفادها أن “مؤسسة الوسيط ليست مجرد مراقبة، بل جهة رصد، وتوجيه، ومواكبة من أجل الوصول إلى الصواب في التدبير الإداري والدفاع عن قيم المساواة في أداء المرافق العمومية”. كما أعرب عن أمله في جعل مخرجات هذا اللقاء “أرضية عمل مشتركة للدفاع عن حقوق المهاجرين وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة لممارسات تمييزية، وفرصة لتقاسم الانشغالات والاهتمامات والتطلعات”.
وفي هذه المناسبة، ايضا، كشف وسيط المملكة النقاب عن الصلاحيات الموكولة إلى هذه المؤسسة التي تعمل من أجل الدفاع عن الحقوق، وترسيخ سيادة القانون ونشر مبادئ العدالة والإنصاف وقيم الشفافية والتخليق في تدبير القطاع العام، وكذا تعزيز التواصل بين الإدارة والمرتفقين. كما تطرق إلى مسألة عدم عرض تقرير مؤسسة الوسيط على البرلمان، حيث قال: “هذا لم يحدث بسبب منطوق قرار المحكمة الدستورية”. وأضاف قائلا: “المؤسسة ترفع تقريرها للبرلمان كاملا بعد رفعه لجلالة الملك ولرئيس الحكومة، ورغم التنصيص على مناقشة ملخص التقرير أمام البرلمان، لكن الأمر لم يتم بعد رغم المراسلات الموجهة للبرلمان، وذلك بسبب قرار المحكمة الدستورية الذي ينص على أنه لا يمكن الاستماع للمؤسسات الدستورية لأنها لا تخضع للرقابة”.
وفي ذات السياق، أشار المنسق العام للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، إغناسيو مارتينيث بولودا، أن هذا اللقاء يندرج في إطار مشروع “العيش المشترك بدون تمييز”، الممول من طرف الاتحاد الأوروبي والهادف إلى المساهمة في تعزيز الآليات والسياسات العمومية بهدف مكافحة التمييز والعنصرية والكراهية ضد الساكنة المهاجرة، وكذا حماية حقوقهم الأساسية.
وسلط بولودا الضوء على مساهمة الصحافة في إرساء سياسات عامة قائمة على المساواة، مضيفا أن الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية تساهم، من خلال مشاريعها المتعددة، في تعزيز خطاب المساواة والتنوع لدى وسائل الإعلام، سواء بشأن قضية النوع الاجتماعي، وتعزيز حقوق الأطفال أو مناهضة أشكال التمييز.
من جهتها، شددت الإسبانية أنطونيا كاريون، عضو وحدة إدارة مشروع العيش معا بدون تمييز، على أن الصحافة رغم زحف وسائل التواصل الاجتماعي فهي تساهم في صناعة الرأي العام، ولها دورها وقيمتها وأنه من الضروري التركيز على هذه النقطة، لأنها أساسية. وأضافت أن
انفتاح مؤسسة وسيط المملكة على الإعلام المعتمد بشكل عام هي مسألة مهمة لأنها تعطي معلومة صحيحة ويتم تداولها بشكل لائق.
كما دعت إلى التفكير في مواكبة الصحافيين وتكوينهم، وأيضا من خلال مبادرات أعلنت عنها الدراسات الأخيرة بين مؤسسة الوسيط ومشروعية تقديمه هو الفيديو، الذي يعتبر كنموذج لهذا التعامل، وهو فيديو لتبسيط المساطر وتعليم الناس كيف يلجؤون إلى المؤسسة، وهو ما تعتمده مجموعة من المؤسسات الحديثة على المستوى الدولي، حيث بمجرد كتابة اسم المؤسسة على محرك البحث يظهر شريط فيديو للتعريف بكيفية إجراء العملية.
وسلط كل المتدخلين في هذا اللقاء، الضوء على الدور الفعال لوسائل الإعلام، سواء على الصعيد المحلي، الجهوي أو الوطني، في نشر مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة وثقافة الأداء في علاقة مع مؤسسة وسيط المملكة.
كما أجمعوا على أهمية تكوين الصحفيين من خلال دورات تكوينية وعقد شراكات لمد جسور التواصل بين المؤسسة والإعلام، ومساعدة نساء ورجال الإعلام على الانفتاح على تمثيليات وسيط المملكة عبر الجهات، والمساهمة في الحد من ترويج المعلومات الزائفة، وتقوية وتشجيع صحافة التحقيقات حول محاربة الفساد واعتماد الحكامة الجيدة، وخلق جوائز تشجيعية لهذا الغرض.
وفي ختام هذا اللقاء التفاعلي، تم توقيع عقد شراكة وتعاون بين مؤسسة وسيط المملكة وجمعية إعلاميي عدالة، وذلك بهدف تفعيل المشاريع التي تلتقي مع الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها من خلال الاختصاصات المنوطة بها، والإسهام في تكوين الصحافيين في المجالات ذات الصلة بالدفاع عن الحقوق وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، ونشر قيم التخليق وتجويد الخدمات الارتفاقية، من خلال تعميق المدارك القانونية المتعلقة بمجال عمل مؤسسة وسيط المملكة لدى الإعلاميين، وكذا نشر الثقافة الحقوقية المرتبطة بالمجال الإعلامي، فضلا عن تنظيم ندوات ودورات تكوينية في المجالات ذات الاهتمام المشترك.