المختار شعيب
أتذكر يوم 6 فبراير من سنة 2020 حيث حضرت محاضرة لمؤرخ المملكة المغربية، الدكتور عبد الحق المريني بمحاضرة بعنوان ” ومضات على التراث الشعبي المغربي ” فأراد من خلالها التعريف بالتراث المغربي على امتداد ساعة كاملة لذلك.
فقد تحدث المؤرخ عن التراث والعادات والتقاليد والمهارات بالفنون اليدوية والعلاج التقليدي، والأعراس والمهرجانات والموسيقى المتنوعة، ويدرج الدكتور عبد الحق المريني تلاقح الثقافة المغربية مع نظريتها الإفريقية، والأندلسية والعربية.
إن احتفالات المغاربة اليوم لها جذورها الضاربة في القدم وتوارثتها الأجيال، كالاحتفال بيوم عاشوراء وشعبانة، وشعالة وغير ذلك، في جو ترفيهي واحتفالي وأساق نموذج ” بوجلود ” الذي مزال يحتفى به كل سنة في منطقة سوس على سبيل المثال.
لقد كان المغاربة يعطون لكل مناسبة أصولها وقيمتها، كالمناسبات العائلية (الأعراس، والعقيقة، والختان…) فالمرأة المغربية كانت عند ولادتها بعد أربعين يوما تذهب إلى الحمام بالزغاريد وتلقي التهاني من كل من تمر بجوارهم من النساء، وحلق الشعر للأطفال الصغار، وثقب الأذن بالنسبة للفتيات الذين أتممنا سنة، كل هذه الاحتفاليات وغير ذلك كانت في جلسات شرب الشاي لتلقي التهاني والأهازيج المحلية فلكل منطقة لونها الموسيقي إن صح التعبير (الفن الكناوي او الأندلسي أو العيطة…) والقاء الأشعار العربية والمغربية ( الزجل ) ومستملحات الحكايات كألف ليلة وليلة …
ومن أركان التراث الشعبي المغربي التي أوردها الدكتور عبد الحق المريني نجد النكتة الساخرة التي أثرت في نفسية المغاربة، التي كانت بمثابة ترويح عن نفسيتهم لمتاعب اليومية ومشاغلها، والألغاز والأحاجي المغربية، التي شكلت فسحة ترفيه لملء أوقاتهم في زمن لم يوجد فيه لا هاتف ولا أنترنيت.
واعتاد المغاربة اليوم على توشيح طلبة حفظة القرآن الكريم في عدد من المدن المغربية، وهي عادة قديمة جدا، فالدكتور عبد الحق المريني أشار في محاضرته إلى هذه العادة فقد قال، أن طلبة القرآن الكريم المتخرجين من المسيد (الكتاب القرآني) يختارون سلطان الطلبة للقاء سلطان البلاد في موكب رسمي متميز، وبزي جميل وهي فرصة لتقديم مطالب الطلبة المادية وطلب تحسين ظروفهم من حيث السكن داخل المسيد، فيأمر السلطان بتلبية طلباتهم وهي فرصة لتشجيع العلم.
وبالرجوع إلى التراث الشعبي نجد فن الملحون الذي كان ينظم على مستوى الشعر العربي الأصيل، والذي عالج عدة مواضيع الزواج والحب وتاريخ المغرب بصفة عامة.
وأشار الدكتور عبد الحق المريني إلى آدب الأمثال (الأمثال المغربية) التي تعتبر تراثا شفاهيا يوضح مظاهر حياة المغاربة، إن على مستوى الحياة الزوجية والمعاملات الحرفية وكذا التجارية، وأفراحه وأحزانه… فشكلت هذه الأمثال وسيلة تهذيب وتوعية لأخذ العبرة من تجارب الآخرين، ويتجسد ذلك من أمثلة تحدث عنها الدكتور عبد الحق المريني عبر حكايات عن “الغول وعيشة قنديشة”.
ويؤكد الدكتور عبد الحق المريني في محاضرته، أن منظمة اليونسكو اعتبرت التراث المغربي تراثا عالميا وإنسانيا، يتطلب صونه والاعتناء به.
لقد ختم الدكتور عبد الحق المريني، عن الروافد الثقافية بكل أنماطها، كتأكيد للهوية الثقافية المغربية تربط الماضي بالحاضر، فالتراث موروث غير مادي يستوجب الاهتمام به وحمايته من الاندثار، بعيدا عن كل تحرييف وتزييف.
مما سبق نستشف، تنوع تراثنا وغناه لتلاقح تراثنا مع ثقافات مختلفة إفريقية وعربية وأندلسية، مما يستوجب التعريف به لناشئة والحفاظ عليه فهو يشكل اقتصادا قويا من خلال السياحة والتعريف بموروثنا الشعبي المتجذر في التاريخ.