أخبار عاجلة

رسالة إلى بعض العاملين بالجناح 40 للأنكولوجيا بمستشفى ابن رشد

 

وحيد مبارك

كنت ولا زلت مؤمنا بالدور العظيم الذي يقوم به مهنيو الصحة عموما، فهم أصحاب رسالة إنسانية نبيلة، تقوم على إنقاذ حياة الأرواح، والتخفيف من آلام المرضى، وعلاج الناس وإسعافهم، وهي مهمة شاقة وجسيمة، خاصة في ظل أوضاع نعرفها جيدا تعيشها المؤسسات الصحية المختلفة.
لم أتوقف يوما عن دعم الأطباء والممرضين والتقنيين وكل العاملين في المجال الصحي، وكنت دائما إلى جانبهم في قضاياهم العادلة وفي مطالبهم المشروعة، وحرصت دوما على تسمية الأشياء بمسمياتها حين وقوع خلل ما، وكنت ولا زلت أرفض أن أضع الجميع في سلة واحدة، لأنه في كل مجال هناك الصالح والطالح، ولا يمكن لهذا الأخير أن يسيء لجسم يبذل فيه الشرفاء، إناثا وذكورا، التضحيات ويعانون الأمرّين من أجل القيام بواجبهم الوطني والمهني والإنساني على أكمل وجه.
اليوم، وبكل أسف، سأقف عند مثال أجده يسيء لصورة البياض التي نحلم بها جميعا، التي هي عنوان على الشرف والقيم والنقاء والكرم وكل ما هو نبيل. مناسبة القول، ما عاشته شابة أصيبت بالسرطان، وشاءت الأقدار أن أتتبع كل تفاصيل مرضها ومعاناتها مع بعض العاملين بالجناح 40 للأنكولوجيا بمستشفى ابن رشد، والتي هي مأساة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لأن هذه الشابة ورغم مرور عدة أشهر لم تتمكن من الاستفادة من حصص العلاج الكيماوي، لأنها ظلت تذهب إلى هذا المرفق الصحي وتعود خائبة، وفي كل مرة تتم مطالبتها بالقيام بمجموعة من التحاليل والفحوصات بالأشعة المكلّفة خارج أسوار البناية العمومية، دون أن تتوفر على تغطية صحية، مع ما يعني ذلك من إرهاق صحي ومالي، يزيد من عبء المرض وكلفته عضويا ونفسيا.
اليوم هذه الشابة تعيش وضعا صحيا أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه جدّ حرج، حتى لا أقول شيئا آخر، وكان من المنتظر أن تبدأ أول حصة للعلاج يومه الأربعاء، لكن وضعها الصحي، وفقا لما قيل لها، حال دون ذلك، وتمت مطالبتها بالعودة في 16 من هذا الشهر، وكأن المرض يمكنه أن ينتظر، وكأن الورم لا يزحف على الجسم، وكأن الألم يمكنه أن يستحيي من جسم المريضة الذي يزداد هزالة يوما عن يوم.
إن المشكل اليوم ليس في إصابة مواطنين بأحد أنواع السرطانات، وإنما الإشكال الأكبر يكمن في طريقة التشخيص ثم التكفل بالمرضى، هذا الأخير الذي يجب أن يكون في المراحل الأولى من المرض من أجل تطويقه ومحاصرته حتى لا تتسع دائرة انتشاره، وهو ما قد يمكّن من العلاج منه، بفضل الإرادة الإلهية. حالة هذه الشابة التي أسرد قصتها، هي مثال كبير، عن الإهمال، سواء بقصد أو عن غير قصد، لأن ترك مريضة تحمل مرضها منذ منتصف السنة الفارطة، ومطالبتها بتدبر المال للقيام بالفحوصات خارج أسوار المستشفى، باستثناء بعض الفحوصات المعدودة، علما بأن بعضها يجب إعادته وفقا لجدولة زمنية يجب أن تتوافق مع المواعيد، وعدم الإسراع بالتكفل بوضعها، يعني تركها فريسة للمرض ليفعل في جسمها ما يشاء، ومن شأن سلوك من هذا القبيل أن يرفع لوائح الضحايا، الذين لو تأتى التكفل بهم باكرا لأمكن إنقاذهم.
لا أريد أن أستفيض في استعراض عدد من التفاصيل، ومجموعة من علامات اللامبالاة التي عرفها الملف المرضي لهذه الشابة، لكني أكتفي بأن أذكّر أي متهاون ومتقاعس، بأن المرض ليس حكرا على شخص بعينه، وبأن الدنيا دوّارة، ومن العيب والعار أن ترى زملائك وزميلاتك يحترقون يوما عن يوم وهم يؤدون واجبهم، في حين أنك لا تعير اهتماما لآلام المرضى ولا يعنيك أمرهم، والحال أن كلّ حياة هي قيّمة، عند خالقها وعند أحبابها، الذين لا يجدون غير الدعاء لتقديمه لمريضهم، خاصة منهم الفقراء الذي لا سبيل لهم لطرق أبواب أخرى، لهذا اتق الله واعلم أن ” اللي ما خرج من الدنيا ما خرج من عقايبها” والله يخرج عاقبة كل واحد على خير.
النتيجة: لاشيء تغير وتبخرت الوعود.

شاهد أيضاً

المغرب يحتفي بالثقافة الإفريقية في لاس بالماس من خلال أول دورة لمهرجان “يوم إفريقيا”

نظمت القنصلية العامة للمملكة المغربية في لاس بالماس، يوم السبت 14 يونيو 2025، الدورة الأولى …