تنظم الجمعية الاقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، تحت إشراف عمالة اقليم الجديدة، وبدعم من مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، والمجلس الاقليمي للجديدة، والجماعة الترابية لآزمور، وبتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال، الدورة التاسعة للمهرجان الدولي لفن الملحون “ملحونيات”، من 14 الى 16 يونيو 2019 بساحة ابرهام مول نيس بآزمور، وذلك تحت شعار: «فن الملحون المغربي؛ تراث إنساني لامادي».
وأوضحت الجمعية الاقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، في بلاغ لها توصل موقع “المستقبل” بنسخة منه، أن ملحونيات 2019 تنخرط في الدينامية التي تقودها أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة لتسجيل فن الملحون ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الإنساني اللامادي، حيث كان الإطلاق الرسمي لطلب إدراج فن الملحون ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لمنظمة اليونسكو باعتباره ديوان المغاربة الحاضن لعبقريتهم الفنية وذاكرتهم الثقافية والحضارية والإنسانية؛ من طرف أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة خلال اللقاء التشاوري يوم 9 يناير 2018 بمقر الأكاديمية. وانعقدت بعدها ثلاث ورشات جهوية بالمغرب في نفس الموضوع لتقديم مضمون اتفاقية اليونسكو (2003) ومسطرة إعداد ملفات الترشيح قصد إدراج عناصر التراث الثقافي غير المادي ضمن لوائح اليونسكو، وتسجيل موافقة المشاركين من باحثين وشعراء ومنشدين وموسيقيين ومهتمين، وانعقدت آخر ورشة جهوية بدار الصانع بمدينة آزمور يوم 25 أكتوبر 2018.
وكشف البلاغ أن تصور دورة ملحونيات 2019، التي تحتفي بالشاعر والحفاظ والخزان محمد بلمهدي الزموري، يتأسس على تفرد المغاربة في إبداع فن الملحون بكل الخصوصيات المرتبطة به على المستوى الفني والاحتفالي والاجتماعي الشيء الذي جعل منه ديوانا للمغاربة وديدنهم الثقافي، والإشعاع الكبير الذي عرفه هذا الإبداع وامتداداته وكل الطقوس المرتبطة به إلى شعوب ومجتمعات أخرى، فضلا عن محورية فن الملحون وتأثيره في العديد من الفنون الأدبية والتراثية المغربية وغير المغربية على مستوى الشعري والإيقاعي والنغمي.
للإشارة، فقد ازداد بن المهدي فرحات سنة 1912م بمدينة آزمور بدرب العرصة، درس في صغره بجامع المعاشات على يد الفقيه سي محمد بلفيطح. لكن سرعان ما تركه ليحترف الحدادة مع والده.
في هذه المرحلة وما بعدها بقليل نشأ بن المهدي في أحضان الزاوية الحمدوشية التي كانت تنتسب إليها عائلته، غير أنه سرعان ما “تقدم” للزاوية العيساوية بعد نقاش وقع له مع “مقدمها”. وقد كانت هي الخطوة المنعطف الحقيقي في شخصية بن المهدي وحياته، لأنها ستمهد له الرحلة الطويلة إلى سلا المرتع الرئيسي الذي أهله للخروج من بوتقة الزاوية وأذكارها إلى عالم الملحون الواسع.
وتشاء الصدف أن يشتغل بالحدادة في “الفندق” مع المعلم لخناتي بباب الخميس حيث كان الولع بالملحون شديدا، وأن يسكن عند عائلة بنغانم وأن يرافق بنعيسى مقدم الزاوية العيساوية بسلا حينذاك. ودام السكن والعمل والرفقة بسلا مدة 28 سنة، كان بن المهدي يزور فيها مدينة آزمور شهريا لتفقد عائلته وابنه شاعر الملحون سي محمد بن محمد بن المهدي فرحات رحمه الله، والذي استقر بالبيضاء لظروف عمله واستقر معه الشيخ بعد رجوعه من مدينة سلا.
إن اهتمام بن المهدي بالملحون جد واسع، فهو ليس شاعرا أو منشدا أو خزانا أو حفاظا أو ناقدا فحسب، بل هو كل ذلك، إذ نجد عنده نفس القصائد المغربية والجزائرية وحتى العبرية التي يحفظ منها قرابة العشر. أما عن إنشاده فنشير هنا إلى رواية عنه شخصيا وعن غيره، تحكي أن الفقيه سيدي محمد الرضي إبن الشاعر الكبير الحاج إدريس بن علي السناني الذي نزل آزمور فترة من الزمن، كان يدعوه هو والمنشد “سي عبد الرحمان ولد الشعالا” إلى داره ليستمع إلى إنشادهما قائلا:” أنشدونا من نظم الوالد”. وكان يستحسن ذلك منهم وقد كان شيخنا بالمقابل يحرص على الجلوس لدروسه للإفادة منها والتحصيل.